وأما إذا كان بمعنى الاتيان بالفعل بداعي حسنه ، أو كونه ذا مصلحة أو له تعالى [١] ، فاعتباره في متعلق الأمر وإن كان بمكان من الإمكان ، إلّا أنه غير معتبر فيه قطعا ، لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال ، الذي عرفت عدم إمكان أخذه فيه بديهة.
______________________________________________________
أنحاء قصد التقرب :
[١] قد يقال : إنّ قصد التقرب في العبادة لا ينحصر بالإتيان بالعمل بداعوية الأمر بذلك العمل ، ليقال إنّ قصد التقرب بهذا المعنى لا يمكن أخذه في متعلّق الأمر لما تقدّم من المحاذير ، بل يكون قصد التقرب في العمل بالإتيان به بداعوية حسنه أو بداعوية مصلحته أو قصد كونه لله (سبحانه) ، فيمكن للشارع الأمر بالصلاة أو غيرها بشرط أن يؤتى بها لله أو لحسنها ومصلحتها ، ولا يلزم من أخذ شيء من ذلك في متعلّق الأمر أيّ محذور.
وأجاب قدسسره عن ذلك بأنّ أخذ ما ذكر في متعلّق الأمر وإن كان ممكنا إلّا أنّ شيئا منها غير معتبر في متعلّق الأمر في العبادات قطعا ، لأنّه يكفي في صحّة العمل عبادة الإتيان بقصد التقرب بالمعنى المتقدّم ، ولازم صحّة العمل بقصد التقرب ـ بالمعنى المتقدّم ـ أن يتعلّق الأمر بذات العمل ، بأن لا يؤخذ في متعلّق الأمر شيء ممّا ذكر.
أقول : يمكن ان يؤخذ جامع قصد التقرب في متعلّق الأمر بالصلاة وغيرها من العبادات جزءا ، ففي هذه الصورة ، كفاية قصد التقرّب بالمعنى المتقدّم يكشف عن عدم اعتبار خصوص غيره ، ولا ينافي اعتبار الجامع بين أنحاء التقرّب وهو أن يكون عند العمل قصد يكون معه العمل لله ، نظير قوله (سبحانه) : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(١).
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٩٦.