ثمّ إنّه لا أظنك أن تتوهم وتقول : إنّ أدلّة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار ، وإن كان قضية الاشتغال عقلا هو الاعتبار ، لوضوح أنّه لا بدّ في عمومها من شيء قابل للرفع والوضع شرعا ، وليس هاهنا ، فإن دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعي ، بل واقعي. ودخل الجزء والشرط فيه وإن كان كذلك ، إلّا أنّهما قابلان للوضع والرفع شرعا ، فبدليل الرفع ـ ولو كان أصلا ـ يكشف أنّه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه المشكوك ، يجب الخروج عن عهدته عقلا ، بخلاف المقام ، فإنّه علم بثبوت الأمر الفعلي ، كما عرفت ، فافهم.
______________________________________________________
الآخر ، نظير نذر بيع متاعه ، فإنّ متعلّق النذر يحصل بالمباشرة في بيعه أو بالتسبيب ، ولا يكون مقتضى وجوب الوفاء بنذره فيما إذا قال : (لله علي أن أبيع متاعي هذا) بيعه بالمباشرة ولا تخييره بين بيعه بالمباشرة أو أمر الغير ببيعه ولو مع عدم حصول البيع.
وممّا ذكرنا يظهر أنّه مع عدم الإطلاق ووصول النوبة إلى الأصل العملي يكون المورد من موارد دوران متعلّق الوجوب بين كونه خصوص الفعل مباشرة أو إيجاد الاستناد في تحقّقه إلى نفسه الحاصل بالفعل مباشرة أو بالتسبيب ، ومقتضى أصالة البراءة عن تعين المباشرة الاكتفاء بالتسبيب ؛ لأنّ الرفع في ناحية تعلّق التكليف بالاستناد إليه في تحقّقه خلاف الامتنان ، حيث إنّ في هذا التعلّق توسعة على المكلّف.
في التعبدي بمعنى سقوط التكليف بالفرد غير العمدي :
المقام الثاني : ما إذا شك في سقوط التكليف بالفرد غير العمدي ، أي ما يكون تحقّقه مع الغفلة وعدم الالتفات ، فقد يقال بعدم السقوط لانصراف الأفعال إلى