المبحث الثامن : الحق أن صيغة الأمر مطلقا ، لا دلالة لها على المرة ولا التكرار [١] ، فإن المنصرف عنها ، ليس إلّا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها ، فلا دلالة لها على أحدهما ، لا بهيئتها ولا بمادتها ، والاكتفاء بالمرّة ، فإنّما هو لحصول الامتثال بها في الأمر بالطبيعة ، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك : أن الاتفاق على أن المصدر المجرّد عن اللام والتنوين ، لا
______________________________________________________
دلالة صيغة الأمر على المرة أو التكرار :
[١] المراد أنّ صيغة الأمر لا دلالة لها بمادّتها ولا بهيئتها على خصوصية المرّة أو التكرار ، حيث إنّ مادّتها لا تكون دالّة إلّا على الطبيعي ، وهيئتها لا تكون دالّة إلّا على البعث نحوه وطلب وجوده.
وبتعبير آخر : يلاحظ الطبيعي تارة في وجوداته الانحلالية ، وأخرى بوجوده الخاصّ ، ككونه متعقبا بوجوده الآخر أو غير متعقّب ، أو مقترنا بوجوده الآخر أو غير مقترن إلى غير ذلك ، وثالثة يلاحظ وجوده في مقابل عدمه ، فلا يلاحظ السريان ولا وجوده الخاصّ. ولا يستفاد من صيغة الأمر إلّا المعنى الأخير ـ أي ما يلاحظ وجوده في مقابل عدمه ـ ، فتكون المرة مسقطة للأمر به لحصوله بها وخروجه من كتم العدم إلى صفحة الوجود ، لا أنّ المطلوب فيها هو المرّة.
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره جعل النزاع في الهيئة والمادّة وقال : إنّ صيغة (افعل) لا تدلّ على خصوصيّة المرّة ولا التكرار ، لا بهيئتها ولا بمادّتها كما بيّنا.
ولكنّ صاحب الفصول قدسسره جعل النزاع في الهيئة فقط ، وأنّه هل يستفاد من الصيغة المرّة أو التكرار ، أو لا يستفاد منها شيء من الخصوصيتين وأنّ مدلولها طلب حصول الطبيعي. فالنزاع في المقام راجع إلى دلالة الهيئة على أحدهما؟ مع التسالم على أنّ الصيغة بمادّتها لا تدلّ على خصوصية المرة أو التكرار ؛ وذلك لاتّفاق أهل