نعم كان التكرار عملا موافقا لعدم الإجزاء لكنه لا بملاكه ، وهكذا الفرق بينها وبين مسألة تبعية القضاء للأداء ، فإن البحث في تلك المسألة في دلالة الصيغة على التبعية وعدمها ، بخلاف هذه المسألة ، فإنّه ـ كما عرفت ـ في أن الإتيان بالمأمور به يجزي عقلا عن إتيانه ثانيا أداء أو قضاء ، أو لا يجزي ، فلا علقة بين المسألة والمسألتين أصلا.
إذا عرفت هذه الأمور ، فتحقيق المقام يستدعي البحث والكلام في موضعين :
الأول : إنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي ـ بل بالأمر الاضطراري [١] أو الظّاهري أيضا ـ يجزي عن التعبد به ثانيا ، لاستقلال العقل بأنّه لا مجال مع موافقة الأمر بإتيان المأمور به على وجهه ، لاقتضائه التعبد به ثانيا.
______________________________________________________
إجزاء الأمر عن نفسه :
[١] يقع البحث في مسألة الإجزاء في موضعين :
أحدهما : إجزاء الإتيان بكلّ من المأمور به الاختياري أو الاضطراري الظاهري عن الأمر المتعلّق بكلّ منها ، وحاصل ما ذكره قدسسره في هذا الموضع أنّه لو كان حصول متعلّق الأمر علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى ، كما إذا أمر المولى عبده ببيع شيء فباعه العبد ، ففي مثل ذلك لا محيص عن سقوط الأمر بحقيقته وملاكه ، ونظيره ما إذا أمره بعتق نفسه أو عتق عبد آخر فأعتقه.
وأمّا إذا لم يكن الإتيان علة تامة لحصول الغرض ، كما إذا أمره بالإتيان بالماء ليشربه أو يتوضّأ به ، ففي مثل ذلك لا يكون الأمر ساقطا بعد الإتيان بالماء ، بحقيقته وملاكه ، وإن سقطت داعويّته ، حيث إنّ الغرض الداعي إلى الأمر به ليس مجرّد تمكّنه من الماء ولو آناً ما ، بحيث لو أهرق الماء بعد المجيء به لكان حاصلا ، بل الغرض رفع عطشه والوضوء به ، والمفروض بقاء هذا الغرض ، فكيف يسقط الأمر