الإجزاء في الأمارات على السببية :
وأمّا بناء على السببية وكون قيامها موجبا لحصول الحلّية أو الطهارة للشيء ، فيكون الإتيان بالمأمور به الظاهري موجبا لحصول الامتثال ؛ لأنّ المأمور به الذي يأتي به المكلف على طبق الأمارة القائمة على الطهارة ـ مثلا ـ يكون مشتملا عليها بقيام الأمارة ، ويكون كالواجد لها بالوجدان في حصول الملاك ، كما هو مقتضى دليل اعتبارها ، بناء على السببية ، إلّا أن يقوم دليل خاصّ في مورد على فوات بعض الملاك الواقعي بحيث يلزم تداركه ، فلا يجزي ، أو يستحب تداركه فيجزي كصورة اشتماله على جميع الملاك. والوجه في اقتضاء إطلاق دليل اعتبارها على السببية هو أنّ مدلوله بناء عليها جعل مدلول الأمارة شرطا واقعيا ، والوجه في اقتضاء إطلاق دليل اعتبارها على السببية هو أنّ مدلوله بناء عليها جعل مدلول الأمارة شرطا واقعيا ، فلا معنى لانكشاف الخلاف فيه بعد ذلك.
ولكن لا يخفى أنّه لا يظنّ أن يلتزم أحد باعتبار الأمارة على نحو السببية إلّا في الأمارات القائمة على الأحكام الكليّة التكليفية أو الوضعية ، دون القائمة على الموضوعات الخارجية والأحكام الجزئية ، كما إذا اشترى ثوبا من جلد الحيوان وبعد الصلاة حصل له العلم بأنّه من الميتة ، فالالتزام بالإجزاء من جهة اعتبار سوق المسلمين من باب السببية ، وأنّ الشارع قد جعل التذكية الواقعية للثوب المزبور بشرائه منه ما دام لم ينكشف الحال ، غير معهود في باب اعتبار الأمارات ، وعليه فتنحصر ثمرة اعتبار الأمارة بنحو الكشف أو السببية في الأحكام الكلّية فقط ، سواء كانت وضعية (مثل ما إذا قامت الأمارة على كون الدباغة في الميتة ذكاة) ، أو تكليفيّة (مثل ما إذا قامت على وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة).