الثاني : لا يذهب عليك أنّ الإجزاء في بعض موارد الأصول [١] والطرق والأمارات ، على ما عرفت تفصيله ، لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه في
______________________________________________________
وبالجملة اشتمال فعل على تمام ملاك الواجب الواقعي حال الغفلة عنه أو على بعض ملاكه مطلقا ، مع عدم إمكان استيفاء الباقي ، أمر ممكن ، ولكن هذا لا يرتبط ببحث إجزاء الإتيان بالمأمور به الظاهري عن الواقعي ؛ لأنّ القائل بالإجزاء في المأمور به الظاهري لا يلتزم بالإجزاء بالإتيان بما اعتقد أنّه الواجب الواقعي ، كما أنّ القائل بعدم الإجزاء في الإتيان بالمأمور به الظاهري يلتزم بالإجزاء في موارد كون الاعتقاد بوجوب فعل موجبا لحدوث مصلحة الواقع فيه ، أو كونه واجدا لبعض ملاك الواجب الواقعي ولم يمكن مع الإتيان به تدارك الباقي فيما قام دليل خاصّ على ذلك ، كإجزاء كلّ من الجهر والإخفات في موضع الآخر ، وكالتمام في صورة الجهل بوجوب القصر.
[١] كأنّ هذا الأمر ردّ على من ذكر أنّ الالتزام بإجزاء المأمور به الظاهري ـ حتّى بعد انكشاف الخلاف ـ يلازم التصويب في الأحكام والتكاليف الواقعية ، ويظهر من صدر كلامه قدسسره إلى ذيله أنّ التصويب الباطل هو ما كان يستتبع خلو الواقعة عن الحكم الواقعي الإنشائي في حقّ الجاهل ، وإنّ هذا لا يلزم من الالتزام بالإجزاء ، فإنّ معنى خلو الواقعة عن الحكم الواقعي في حقّ الجاهل هو أن لا يكون في حقّه حكم إلّا مؤدّى الأمارة أو مقتضى الأصل ، بحيث لو أغمض عن تلك الأمارة أو الأصل لم يكن في الواقع للواقعة حكم في حق الجاهل أصلا ، والقول بالإجزاء لا يلازم ذلك ؛ لأنّ الحكم الواقعي المشترك بين العالم والجاهل في مرتبة الإنشاء محفوظ ، ولا يختصّ بالعالم ، ولكنّ هذا الحكم الإنشائي لا يصل إلى مرتبة الفعلية في ظرف قيام الأمارة أو وجود الأصل العملي على خلافه ، بلا فرق في ذلك بين الالتزام بالإجزاء أو عدمه ،