.................................................................................................
______________________________________________________
وممّا ذكر ظهر أنّه لا مقابلة بين إخطاريّة معنى اللّفظ وبين كونه إيجاديا حتّى يكون نفي الأول مستلزما لإثبات الثاني.
ثمّ إنّه قدسسره ذكر أنّ معاني الحروف تكون آليّة ومغفولا عنها ، بخلاف الأسماء.
فهذا لا يمكن المساعدة عليه أيضا ، فإنّه إن كان المراد بالآليّة عدم كون تفهيمها هو المقصود الأصلي للمتكلم ، فمن الظاهر أنّه كثيرا ما يكون الغرض الأصلي من التكلّم تفهيم الارتباط بين شيئين خارجا ، لعلم السامع بحصول كلّ منهما وعدم علمه بالارتباط الخاصّ بينهما ، وإن كان المراد أنّ نظر المتكلّم إلى صورها المتدلّية في غيرها نظر مرآتي ، فهذا النظر المرآتي حاصل في معاني الأسماء وغيرها ، حيث إنّ المتكلّم عند التكلّم ينظر بالمعاني التي هي في حقيقتها صور للأشياء إلى نفس الأشياء في مواطنها.
إذن فالحقّ في المقام والذي يقتضيه التأمّل في معاني الحروف هو أنّها موضوعة لإفادة خصوصيّة في مدلول مدخولاتها بحسب الوعاء المناسب لتلك المدخولات ، فمثلا لفظة «في» موضوعة لتدخل على الإسم وتدلّ على أنّ مدخولها متّصف بكونه ظرفا بحسب الخارج.
وليس المراد أنّ لفظة «في» ترادف لفظ «الظرف» ليكون معنى «في» ظرفا بالحمل الأوّلي أو بالحمل الشائع ، بل المراد أنّ معنى لفظ «ظرف» معنى اسمي وأنّ لفظة «في» وضعت لتكون بعد دخولها على الإسم دالّة على أنّ ذلك المدخول موصوف خارجا بكونه ظرفا لشيء يذكر في الكلام أو ذكر سابقا ، كما أنّ «كاف التشبيه» موضوعة لتكون دالّة على أنّ المعنيّ بذلك الإسم خارجا مشبّه به ، ولفظة «من» وضعت لتكون دالّة على أنّ مدلول ذلك الإسم خارجا معنون بعنوان المبدأ ،