ثمّ لا يبعد أن يكون الاختلاف في الخبر والإنشاء أيضا كذلك [١] ، فيكون الخبر موضوعا ليستعمل في حكاية ثبوت معناه في موطنه ، والإنشاء ليستعمل في قصد تحقّقه وثبوته ، وإن اتّفقا فيما استعملا فيه ، فتأمّل.
______________________________________________________
للتقييد. هذا كلّه في تقييد معاني الحروف ، وأمّا تقييد معاني الهيئات فيأتي الكلام فيها في بحث الواجب المطلق والمشروط إن شاء الله تعالى.
الخبر والإنشاء :
[١] يعني كما أنّ الفرق بين الإسم والحرف لم يكن إلّا في ناحية الوضع مع كون الموضوع له والمستعمل فيه واحدا فيهما ، فلا يبعد أن يكون الفرق بين الجملة الخبرية والجملة الإنشائيّة كذلك ، بأن يكون الموضوع له والمستعمل فيه فيهما واحدا ، غاية الأمر الوضع في الجملة الإنشائيّة مشروط بإرادة المعنى بنحو خاصّ ، وفي الجملة الخبرية بإرادته بنحو آخر.
توضيح ذلك أنّ ثبوت النسبة في موطنها وانتفائها فيه على اختلاف أنحائها لها صور عند النفس ، ولو كانت تلك الصور متدلّية في طرفيها ، مثلا نسبة المحمول إلى الموضوع واقعها اتّحادهما وجودا بنحو خاصّ ، أو مفهوما أيضا ، ونسبة المبدأ إلى الفاعل عبارة عن قيام المبدأ به صدورا أو حلولا أو غيرهما ، والصور في جميع ذلك هي الموضوع لها في الهيئات وتلك الصور وإن كان لها وجودات في أفق النفس إلّا أنّ الهيئات لم توضع لتلك الوجودات بل وضعت لذواتها ، وإذا خاطب المتكلم شخصا بقوله : (أطلب منك ضرب زيد) بنحو الإخبار ، أو (طلبت ضربه منك) ، وقال الآخر لمخاطبه : (اضرب زيدا) إنشاء ، فالكلامان مترادفان في المعني ، وإنما يختلفان في نحو إرادة ذلك المعنى ، فإنّه في الإخبار يقصد المتكلم الحكاية عن ثبوت المضمون