.................................................................................................
______________________________________________________
وذكر المحقق الاصبهاني قدسسره أنّ الأمر في مثل قوله «بعت داري» من الصيغ المشتركة بين الإخبار والإنشاء هو كما ذكره قدسسره من أنّ المستعمل فيه للهيئة نسبة بيع الدار إلى المتكلّم ، وهذه النسبة تكون لقصد الحكاية تارة ، ولقصد الإنشاء أخرى. وأمّا في مثل قوله : (اضرب زيدا) وقوله : (أطلب منك ضرب زيد) ممّا لا اشتراك فيه بين الجملة الإنشائية والجملة الخبرية لفظا وهيئة ، فلا يتمّ ذلك ؛ لأنّ الأوّل موضوع للبعث الاعتباري لا بما هو هو ، بحيث يكون البعث ملحوظا بذاته ، بل بما هو نسبة بين المتكلّم والمادّة والمخاطب ، ولذا لا تكون لتلك النسبة واقعية لتطابقها أو لا تطابقها.
وبتعبير آخر : كما أنّه إذا حرّك شخص غيره نحو الفعل تحريكا خارجيا لا يكون ذلك التحريك الخارجي ملحوظا بذاته ، بل الملحوظ هو الفعل من المحرّك ، كذلك في التحريك والبعث الإنشائي الاعتباري ، يكون الملحوظ بالذات نفس المادّة من المخاطب ، كما في قوله : (اضرب زيدا) ، وأمّا إذا قال : (أبعثك نحو ضرب زيد) أو (أحرّكك نحو ضرب زيد) أو (أطلب منك ضرب زيد) إخبارا ، فليس الملحوظ بالذات ضرب زيد (بأن يكون البعث مفاد الهيئة وملحوظا لا بذاته) حتّى يقال لا فرق في المعنى بين الهيئة الإنشائيّة والإخباريّة ؛ لأنّ البعث معنى واحد ، والتفاوت باللّحاظ غير المقوّم للمستعمل فيه ، بل مضمون الهيئة ومدلولها في موارد الإخبار نسبة نفس البعث إلى المتكلّم بنسبة صدوريّة ، وكم فرق بين النسبة البعثيّة وبين نسبة البعث (١)؟
أقول : يرد على المصنّف قدسسره أنّه لو لم يك فرق في ناحية المستعمل فيه
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٦١.