ثمّ إنّه قد انقدح ممّا حققناه ، أنّه يمكن أن يقال : إنّ المستعمل فيه في مثل أسماء الإشارة [١] والضّمائر أيضا عامّ ، وأنّ تشخّصه إنّما نشأ من قبل طور استعمالها ، حيث إن أسماء الإشارة وضعت ليشار بها إلى معانيها ، وكذا بعض الضّمائر ، وبعضها ليخاطب به المعنى ، والإشارة والتخاطب يستدعيان التشخص كما لا يخفى ، فدعوى أنّ المستعمل فيه في مثل (هذا) أو (هو) أو (إياك) إنّما هو
______________________________________________________
الوضع في أسماء الإشارة :
[١] ظاهر كلامه قدسسره أنّ الموضوع له والمستعمل فيه في أسماء الإشارة والضمائر وسائر الأسماء المبهمة كالموصولات ، هو معنى عامّ كالمفرد المذكر ، بأن يكون لفظ (هذا) مرادفا للفظ المفرد الموصوف بالتذكير ، غاية الأمر الاختلاف بينهما بالوضع حيث أنّ لفظ (هذا) موضوع لذلك المعنى العامّ على أن يشار إليه عند استعماله فيه بالإشارة الخارجيّة ، كما أنّ الضمير الغائب كلفظ (هو) موضوع له بشرط أن يشار إليه بالإشارة المعنويّة ، ولم يؤخذ في ناحية الموضوع له والمستعمل فيه قيد ، وإنّما أخذ في ناحية نفس الوضع ، كما تقدم في معاني الحروف ، وعلى ذلك فضمير المخاطب مثلا يكون لنفس ذلك المعنى العامّ يعني الفرد الموصوف بالتذكير ، ويكون وضعه له مشروطا بالتخاطب معه عند استعماله في ذلك المعنى.
وبالجملة دعوى أنّ الموضوع له والمستعمل فيه في الأسماء المزبورة كالوضع فيها عامّ وإنّما الخصوصية والتشخّص ناشئة من الإشارة والتخاطب ، حيث أنّ الإشارة لا تكون إلّا إلى الشخص ، والخطاب لا يكون إلّا مع الشخص ، غير بعيدة.
أقول : لا ينبغي التأمّل في أنّ لفظ (هذا) لا يكون مرادفا للمفرد المذكر المشار إليه أو معنى لفظ المفرد المذكر عند الإشارة إليه ، نعم لو قيل : إنّ (هذا) اسم لما يصحّ إطلاق عنوان المفرد المذكّر عليه عند الإشارة إليه ، صحّ ، سواء كان ما يطلق