وأما ما حكي عن العلمين (الشيخ الرئيس ، والمحقق الطوسي) من مصيرهما إلى أنّ الدلالة تتبع الإرادة ، فليس ناظرا إلى كون الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي مرادة ، كما توهمه بعض الأفاضل [١] ، بل ناظر إلى أنّ دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية ، أي دلالتها على كونها مرادة للافظها تتبع إرادتها منها ، ويتفرع عليها تبعيّة مقام الإثبات للثبوت ، وتفرع الكشف على الواقع المكشوف ، فإنّه لو لا الثبوت في الواقع ، لما كان للاثبات والكشف والدلالة مجال ، ولذا لا بدّ من إحراز كون المتكلّم بصدد الإفادة في إثبات إرادة ما هو ظاهر كلامه ودلالته على الإرادة ، وإلّا لما كانت لكلامه هذه الدلالة ، وإن كانت له الدلالة التصورية ، أي كون سماعه موجبا لإخطار معناه الموضوع له ، ولو كان من وراء الجدار ، أو من لافظ بلا شعور ولا اختيار.
______________________________________________________
تبعية الدلالة للإرادة :
[١] وحاصل التوهّم هو أنّ ما حكي عن العلمين قدسسرهما من تبعية الدلالة للإرادة ، ظاهره أنّ ثبوت المدلول للكلام تابع وموقوف على إرادة المتكلّم له ، بأن يكون قصد المعنى قيدا للمعنى ، وإلّا لم يكن المدلول موقوفا وتابعا للإرادة.
وبتعبير آخر : حيث إنّ ظاهر كلام العلمين قدسسرهما توقّف ثبوت المدلول للكلام على إرادة المتكلّم بحيث لا يثبت المدلول فيما لم يكن له إرادة ، يلزم أخذ الإرادة في معانى الألفاظ.
ودفع قدسسره التوهّم بأنّ للكلام مدلولين :
الأوّل : المدلول التصوري ، وهو الناشئ من العلم بوضع الألفاظ ، بأن يكون سماع اللفظ موجبا للانتقال إلى معناه فيما كان السامع عالما بوضعه ، وهذا المدلول