ثم إنّه قد ذكر الاطراد وعدمه علامة للحقيقة والمجاز أيضا ، ولعلّه بملاحظة نوع العلائق [١] المذكورة في المجازات ، حيث لا يطرد صحة استعمال اللفظ
______________________________________________________
الاطّراد :
[١] وحاصله أنّ القائل بكون الاطّراد في استعمال اللفظ في معنى علامة الحقيقة ، وعدم اطراده علامة المجاز لاحظ نوع العلائق التي ذكروها للاستعمالات المجازية ، ورأى أنّ اللفظ لا يستعمل في كلّ معنى يكون بينه وبين معناه الموضوع له إحدى هذه العلاقات. ولاحظ أيضا اللفظ الموضوع لمعنى ورأى أنّه يستعمل فيه دائما ، فذكر أنّ استعمال اللفظ في معنى مطّردا علامة كونه حقيقة فيه وعدمه كما ذكر علامة كونه مجازا ، وإلّا فلو لاحظ هذا القائل خصوص علاقة يصحّ بها استعمال اللفظ في معنى بتلك العلاقة لرأى أنّه يصحّ استعماله في ذلك المعنى مكرّرا ، فمثلا استعمال لفظ الأسد في الحيوان المفترس مطّرد ، وكذلك استعماله في الرجل الشجاع ، وعلى ذلك فلا يعلم من مجرّد اطّراد الاستعمال في لفظ بالإضافة إلى معنى من المعاني أنّه على نحو الحقيقة أو المجاز.
وذكر صاحب الفصول قدسسره أنّ الاطّراد بلا تأويل علامة الحقيقة (١).
وفيه أنّ زيادة قيد (بلا تأويل) أو (على وجه الحقيقة) وإن كان موجبا لاختصاصه بالحقيقة فإنّه لا بدّ في الاستعمال المجازي من التأويل وإعمال العناية ، إلّا أنّ الاطّراد على ذلك لا يكون علامة الحقيقة إلّا بوجه دائر ؛ لتوقّف إحراز كون الاطّراد بلا تأويل على العلم بالوضع ، فلو توقّف العلم بالوضع عليه لدار.
لا يقال : الموقوف على الاطّراد العلم التفصيلى ، والاطّراد موقوف على العلم
__________________
(١) الفصول : ص ٣١ س ٨ ، الطبعة الحجرية.