التاسع
إنّه اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه على أقوال ، وقبل الخوض في تحقيق الحال لا بأس بتمهيد مقال ، وهو : أنّ الوضع التعييني ، كما يحصل بالتصريح بإنشائه [١] ، كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ، كما إذا وضع له ، بأن
______________________________________________________
الحقيقة الشرعية :
[١] ذكر قدسسره أن الوضع التعيينى كما يكون بإنشاء الوضع وتعيين اللفظ بإزاء المعنى بالقول كذلك يكون الوضع والتعيين بنفس استعمال لفظ في معنى غير موضوع له ، على نحو استعمال اللفظ فيما وضع له بأن يقصد الحكاية والدلالة على ذلك المعنى بنفس اللفظ لا الحكاية عنه باللفظ مع القرينة ، نعم لا بدّ في البين من قرينة دالّة على أنّ استعمال اللفظ فيه والحكاية عنه بنفس اللفظ لغاية تحقّق وضعه له ـ وهذه غير قرينة المجاز ، حيث إنّ القرينة فيه تكون على حكاية اللفظ معها عن المعنى ـ وعدم كون استعمال اللفظ في غير ما وضع في مقام وضعه له ، من الاستعمال الحقيقي (حيث إنّ المفروض حصول الوضع بعد تحقّق ذلك الاستعمال) ولا من المجاز (حيث إنّ المعتبر في الاستعمال المجازي لحاظ العلاقة بين المعنى المستعمل فيه ومعناه الموضوع له) غير ضائر ، بعد كون هذا النحو من الاستعمال مما يقبله الطبع ولا يستهجنه ، وقد تقدّم أنّ في الاستعمالات الشائعة ما لا يكون حقيقة ولا مجازا ، ولكن ممّا يقبله الطبع ، كاستعمال اللفظ في اللفظ.
وأورد المحقّق النائيني قدسسره على ما ذكر من حصول الوضع بالاستعمال ، بأنّ الاستعمال يقتضي لحاظ اللفظ فانيا في المعنى بحيث يكون الملحوظ استقلالا هو المعنى ويكون اللفظ مغفولا عنه ، بخلاف الوضع فإنّه يقتضي لحاظ اللفظ استقلالا ، فلو حصل الوضع بالاستعمال لزم كون اللفظ في ذلك الاستعمال ملحوظا آليا