وأيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم : أريد الحج ، وأريد المسير الذي يتوصل به إلى فعل الواجب ، دون ما لم يتوصل به إليه ، بل الضرورة قاضية بجواز تصريح الأمر بمثل ذلك ، كما أنها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيتها له مطلقا ، أو على تقدير التوصل بها إليه ، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدماته على تقدير عدم التوصل بها إليه ، وأيضا حيث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب وحصوله ، فلا جرم يكون التوصل بها إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها ، فلا تكون مطلوبة إذا انفكت عنه ، وصريح الوجدان قاض بأن من يريد شيئا بمجرد حصول شيء آخر ، لا يريده إذا وقع مجردا عنه ، ويلزم منه أن يكون وقوعه على وجه المطلوب منوطا بحصوله). انتهى موضع الحاجة من كلامه ، (زيد في علو مقامه).
______________________________________________________
المقدّمة وإيجاب نفس المقدّمة ، لأنّ ملاك الوجوب الغيري ثابت في نفس المقدّمة ، ولا يختصّ بالمقدّمة الموصلة أو المقدّمة المقيّدة بقيد آخر كقصد التوصّل ، فإذا لم يكن مانع عن تعلّق الوجوب الغيري بنفس المقدّمة على إطلاقها ـ كحرمة بعض أفرادها ـ ثبت الوجوب الغيري في مطلقها ، وعلى ذلك فلا يكون للآمر الحكيم غير المجازف بالقول التصريح بخلاف ذلك واختصاص الوجوب الغيري بالمقدّمة الموصلة ، فإنّ مع ثبوت ملاك ذلك الوجوب في مطلق المقدّمة وعدم المانع عن تعلّقه بمطلقها يكون التصريح بالاختصاص من المجازفة.
نعم الفرق بين الموصلة وغيرها إنّما هو في حصول المطلوب النفسي في صورة الإيصال وعدم حصوله في غيرها ، لكن من غير دخل للمقدّمة في اختيار حصول ذيها في الأوّل ، وعدم حصوله في الثاني ، بل يكون حصوله بحسن اختيار المكلّف وعدم حصوله بسوء اختياره ، كما لا يخفى.
وبالجملة الأثر المترتّب على نفس غسل الثوب مثلا ـ من ملاك الوجوب