عليه من المثوبة ، وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا إلّا بعد البعث بزمان ، فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان ، ولا يتفاوت طوله وقصره ،
______________________________________________________
المكلّف بالاشتغال ببعض مقدّماته ، نظير الاغتسال في الليل لصوم يوم الغد والتحفّظة بمال الاستطاعة لسفر الحج وإلى غير ذلك.
وقد ذكرنا في بحث الطلب والإرادة أنّ الشوق بأي مرتبة فرض لا يكون إرادة ، إذ قد تتحقّق إرادة الفعل من غير اشتياق إليه أصلا ، فلا نعيد.
وقد يجاب عن المحقّق الاصفهاني قدسسره بأنّ للفاعل في موارد الفعل بالمباشرة إرادتين تتعلّق كلّ منهما بمراد ، إذ تعيّن الإرادة للنفس في النفس إنّما يكون بالمراد ، ومع تعدّد المراد لا يعقل وحدة الإرادة ، فإنّ المتعدّد بما هو متعدّد لا يتعلّق به إرادة واحدة ، فالعطشان الذي يريد رفع عطشه أو شرب الماء تكون إرادته متعلّقة برفع عطشه أو شرب الماء ، ومع الالتفات بأنّ شرب الماء (أي إيجاده) لا يكون إلّا بحركة عضلاته تكون حركة عضلاته بإرادة ثانية ، ولو كانت تبعيّة ؛ ومصحّح اختيارية الأفعال هذه الإرادة الثانية ، إذ لو لم تكن حركتها بإرادة ثانية لا يكون الفعل اختياريا ، والإرادة التي لا تنفكّ عن المراد هي هذه الإرادة لا الاولى ، حيث لا يعقل تحقّق الإرادة بالحركة الفعلية من غير تحرّك العضلات فعلا ، وأمّا الإرادة الأولى فيمكن تعلّقها بما يكون أمرا استقباليا ، وهذا ليس من التخصيص في حكم العقل ، بل لأنّ تحقّق حركة العضلات يكشف عن بروز الإرادة للنفس بلا مزاحم ، وأمّا الإرادة الأولى فهي تابعة لكيفيّة تعلّقها ، فإن تعلّقت بالفعل فورا يحصل للنفس إرادة ثانية التي لا تنفك عن حركة العضلات ، وإن تعلّقت بالفعل استقبالا فلا تحصل الإرادة الثانية إلّا مع بقاء الإرادة الأولى إلى وصول زمان الفعل في المستقبل ، ففي ذلك الزمان تحصل الإرادة الثانية ، فالّتي يترتّب عليها حركة العضلات هي الإرادة الثانية المترتّبة