فيما هو ملاك الاستحالة والإمكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب ، ولعمري ما ذكرناه واضح لا سترة عليه ، والإطناب إنّما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطلاب.
______________________________________________________
على الإرادة الأولى فيما كان المراد به فعليّا ولو بفعلية القيد الاستقبالي (١).
أقول : ما ذكره قدسسره غريب ، وذلك فإنّ تحقّق الإرادتين إنّما يكون فيما لا ينطبق المراد على نفس حركة العضلات ، إذ من أراد شرب الماء وشربه ، فالصادر منه بما هو فعل ليس إلّا عبارة عن تحريك الحلق بنحو ينزل الماء في المعدة ، وعليه فلا تتعلّق مع إرادة شرب الماء إرادة أخرى متعلّقه بحركة الحلق بنحو يزدرد الماء.
نعم تهيئة الماء وإيصاله إلى فضاء الحلق يكون بإرادة أخرى ، حيث إنّ ذلك مقدّمة للشرب ، وهذا غير منكر في كلام المحقّق الأصفهاني قدسسره ، وإنّما الكلام فيما إذا أراد ـ مثلا ـ مصافحة إنسان قد مدّ يده إليه ، فإنّ إرادة مصافحته عبارة أخرى عن تعلّق إرادته بمدّ يده ووضعها في اليد الممدودة إليه ، وليس في البين إرادتان إحداهما تتعلّق بمصافحته ، وأخرى بمدّ يده ووضعها في اليد الممدودة إليه ، وإذا لم يكن في مثل ذلك إرادتان ، فكيف تكون هذه الأفعال اختيارية بناء على ما أسّسه واختاره؟ وكيف تكون إرادتها علّة تامّة لحصول المراد ؛ إذن فلا معنى للقول بتصحيح اختيارية الأفعال بالالتزام بإرادة ثانية متعلّقة بحركة الأعضاء والجوارح ، تابعة للإرادة الأولى المتعلّقة بالمراد بالذات. ومع الإغماض عن ذلك والتسليم بأنّ للفاعل المريد إرادتين تتعلّق إحداهما بالمراد بالذات ، والأخرى بحركة العضلة ، فنقول : كما أنّ الإرادة بالإضافة إلى المراد بالذات تابعة لكيفية تعلّقها ، كذلك الإرادة
__________________
(١) تهذيب الأصول : ١ / ١٨٢.