ففيه : إن مفاد الهيئة ـ كما مرت الإشارة إليه ـ ليس الافراد ، بل هو مفهوم الطلب ، كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف ، ولا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقي ، والذي يكون بالحمل الشائع طلبا ، وإلا لما صح إنشاؤه بها ، ضرورة أنه من الصفات الخارجية الناشئة من الأسباب الخاصة.
نعم ربما يكون هو السبب لإنشائه ، كما يكون غيره أحيانا.
______________________________________________________
لهما مفهوم الطلب ، ومفهومه ليس هو معنى الهيئة ، فإنّ الفعل يتّصف بالمطلوبية بتعلّق الأمر به ، ولا يتّصف مفهوم الطلب بها ، وهذا شاهد على أنّ المطلوبية توجد بتعلق واقع الطلب بالفعل ، وهو جزئي لا يقبل الإطلاق والتقييد دون مفهومه ، فإنّه كلّي وقابل لهما إلّا أنّه ليس بمدلول للصيغة.
وبتعبير آخر : يصير الفعل مطلوبا ومرادا بتعلّق واقع الإرادة وحقيقتها به ، لا بلحاظ مفهوم الطلب.
وأجاب الماتن قدسسره بأنّه ليس مفاد الهيئة والمنشأ بها إلّا معنى لفظ الطلب ، والإنشاء يرد على هذا المعنى ، وهو كلّي قابل للتقييد ، ولو قبل إنشائه فينشأ الطلب مطلقا أو مقيّدا ، وأمّا الإرادة الحقيقية فهي أجنبية عن مفادها ، بل هي صفة نفسانيّة يحمل عليها الطلب بالحمل الشائع ، وغير قابلة للإنشاء والإيجاد باللفظ.
نعم تكون تلك الصفة من الدواعي إلى إنشاء الطلب بالفعل ، فيكون الفعل متّصفا بالمطلوبية الحقيقية ، كما أنّه قد يكون الداعي إلى إنشاء الطلب بالفعل غيرها ، فيكون الفعل متّصفا بالمطلوبية الإنشائية فقط ، وعلى ذلك فالتمسّك بإطلاق الهيئة لكشف حال وجوب الفعل وكون طلبه مطلقا غير مشروط بما يجب به الفعل الآخر ، أمر صحيح ، وأنّه لا ملازمة بين عدم إمكان تقييد الإرادة الحقيقية وعدم إمكانه في الطلب الإنشائي.