هذا إذا كان هناك إطلاق ، وأما إذا لم يكن ، فلا بد من الإتيان به فيما إذا كان التكليف بما احتمل كونه شرطا له فعليا [١] ، للعلم بوجوبه فعلا ، وإن لم يعلم جهة وجوبه ، وإلا فلا ، لصيرورة الشك فيه بدويا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
[١] هذا هو الفرض الثاني من الفرضين ، وهو بيان مقتضى الأصل العملي عند دوران أمر الواجب بين كونه نفسيا أو غيريا ، وللشكّ في ذلك صور ثلاث :
الصورة الأولى : ما إذا أحرز أنّ وجوبه مع وجوب الفعل الآخر من المتماثلين في الإطلاق والاشتراط ، ولكنّه على تقدير كونه غيريّا يعتبر الإتيان به بنحو خاصّ ، لتقيّد الفعل الآخر بسبقه أو لحوقه أو مقارنته كالاغتسال على من مسّ الميت فيما إذا فرض العلم بعدم وجوبه قبل دخول وقت الصلاة ، ولكن دار أمره بين كونه واجبا نفسيا فيجوز الاغتسال من المسّ ولو بعد الصلاة ، أو كونه واجبا غيريّا فيتعيّن عليه الاغتسال قبل الصلاة ، ففي مثل ذلك لا بأس بجريان البراءة في ناحية تقيّد الصلاة به ، فإنّ رعاية الاشتراط ضيّق على المكلّف ، والأصل عدم تعلّق الوجوب بالصلاة المتقيّدة به على ما هو المقرّر في بحث دوران أمر الواجب بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، ولا يعارضها أصالة البراءة عن وجوب الاغتسال نفسيا ، للعلم بأصل الوجوب وترتّب العقاب على تركه أو بتركه ، وكذا الحال في استصحاب ناحية عدم جعل الوجوب النفسي له للعلم المفروض.
وبالجملة فالفعلية في الواجب الآخر في هذه الصورة مسلّمة قطعية وإنّما غيرية هذا الواجب أو نفسيّته مشكوكة.
الصورة الثانية : ما إذا علم أنّ وجوب المشكوك في نفسيّته أو غيريّته مع وجوب الفعل الآخر من غير المتماثلين في الإطلاق والاشتراط على تقدير النفسية ، وعلى تقدير الغيرية في وجوبه يعتبر الإتيان به قبل الصلاة مثلا ، ففي مثل ذلك تكون