ومما ذكرنا في بيان أقسام النهي في العبادة ، يظهر حال الأقسام في المعاملة ، فلا يكون بيانها على حدة بمهم ، كما أن تفصيل الأقوال في الدلالة على الفساد وعدمها ، التي ربما تزيد على العشرة ـ على ما قيل ـ كذلك ، إنما المهم بيان ما هو الحق في المسألة ، ولا بد في تحقيقه على نحو يظهر الحال في الأقوال ، من بسط المقال في مقامين :
الأول في العبادات : فنقول وعلى الله الاتكال : إن النهي المتعلق بالعبادة بنفسها ، ولو كانت جزء عبادة بما هو عبادة ـ كما عرفت ـ مقتض لفسادها ، لدلالته على حرمتها ذاتا [١] ، ولا يكاد يمكن اجتماع الصحة بمعنى موافقة الأمر أو
______________________________________________________
عن التكليف بالصلاة المقيّدة بغير الثوب المزبور المعبّر عنها بأصالة البراءة عن المانعية كما ذكرنا في مسألة اللباس المشكوك بأنّ المانعية انحلالية ولا مانع عن الرجوع إلى أصالة البراءة بالإضافة إلى الثوب المشكوك ، ولو بنى على أصالة الاشتغال وعدم جريان أصالة البراءة فلا فرق بين الشك في كون ما استصحبه المصلّي من غير المأكول وبين الشك في كون الثوب حريرا ، ففي مورد الشك في كونه حريرا يجوز لبسه لأصالة الحلّية في لبسه ولكن لا يجوز الصلاة فيه إذا أمكن الصلاة في غيره ولو في آخر الوقت ، حيث إنّ مانعية لبس الحرير غير ناشئة عن حرمة لبسه لترتفع بالتعبّد بحليّة اللبس ، بل ناشئة من تقيّد الصلاة بعدم لبسه ، وهذا بخلاف تقيّد الصلاة بغير الساتر المغصوب فإنّ الصلاة مقيّدة بعدم حرمة الستر لا بعدم كون الساتر ملك الغير بلا رضاه وحصل التقيّد من حرمة الغصب ، حيث إنّ المنافي لإطلاق الطبيعي حرمة الستر فأصالة الحلّية في مورد الشك في كونه ملك الغير تعبّد بعدم المانع ، فتدبّر تعرف.
مقتضى النهي عن العبادة
[١] ذكر قدسسره أنّ النهي إذا تعلّق بنفس العبادة بالمعنى المتقدّم أو بالجزء منها