.................................................................................................
______________________________________________________
اختار الماتن قدسسره في أوّل كلامه الأوّل ، ونفى البعد عن الثاني في آخر كلامه ، ولا أدري أنّه كيف جعل الأوّل ظاهرا مع نفيه البعد عن الثاني.
ولكن لا يترتب على هذا البحث ثمرة عملية بعد كون المعيار في الاعتبار هو الظهور من غير فرق بين كونه منطوقا أو مفهوما ، وما قيل من تقديم المنطوق على المفهوم عند تعارضهما أمر لا أساس له بل اللازم ملاحظة أنّ أيّا منهما يحسب قرينة عرفية على المراد من الآخر ، فقد يكون المفهوم لكونه أخصّ وقد يكون الأمر بالعكس ولكن مع ذلك لا يبعد كون دلالة الجملة الاستثنائية على قطع الحكم الوارد في الخطاب عن المستثنى من قبيل المفهوم ولذا نرى بالوجدان فرقا بين قوله أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم ، وقوله أكرم العلماء ولا تكرم فسّاقهم ، حيث إنّ الفرق هو الخصوصية التي نعبّر عنها بمدلول «إلّا» القائمة بالجملة المستثنى منه ، فتدبّر.
الأمر الثالث : أنّ لفظة «إلّا» تستعمل وصفيّة وتستعمل استثنائية ، الأوّل كما في قوله : «العلماء إلّا زيد أكرمهم» والثاني كما في قوله : «أكرم العلماء إلّا زيدا» وتكون «إلّا» في موارد استعمالها وصفا بمعنى «غير» فيكون مفاد الخطاب الأوّل العلماء الموصوفون بأنّهم غير زيد أكرمهم ، بخلاف الثاني فإنّه بمعنى الاستثناء.
لا يقال : لم يظهر كون «إلّا» في الأوّل بمعنى ، غير معنى الاستثناء.
فإنّه يقال : الاستثناء إخراج المستثنى عن الحكم المذكور للمستثنى منه ، وهذا لا يكون إلّا بعد فرض ثبوت الحكم للمستثنى منه ، بخلاف «إلّا» الوصفية فإنّه يرد فيها الحكم على الموصوف بغير المستثنى ، وما ذكر من دلالة الاستثناء على الحصر بمعنى عدم جريان الحكم المذكور للمستثنى منه على المستثنى ، بخلاف ما إذا كانت إلّا وصفية فإنّ دلالتها على الحصر وعدمها مبني على مفهوم الوصف فيما كان