ومما يدلّ على الحصر والاختصاص (إنما) وذلك لتصريح أهل اللغة بذلك ، وتبادره منها قطعا عند أهل العرف والمحاورة [١].
ودعوى ـ أن الإنصاف أنه لا سبيل لنا إلى ذلك ، فإن موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ، ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا ، حتى يستكشف منها ما هو المتبادر منها ـ غير مسموعة ، فإن السبيل إلى التبادر لا ينحصر بالانسباق إلى أذهاننا ، فإن الانسباق إلى أذهان أهل العرف أيضا سبيل.
______________________________________________________
الاستثناء بحسب الحكم على ما تقدّم.
وذكر المحقق النائيني قدسسره أنّه لو قال «لزيد عليّ عشرة إلّا درهما» تعيّن كونه استثناء فيثبت عليه التسعة لا تمام العشرة الذي هو مقتضى جعل إلّا وصفية ، وذلك فإنّ «إلّا» لو كانت وصفية لما صحّ نصب المستثنى (١).
ولكن لا يخفى أنّ هذا لا يتمّ في محاورات عامّة الناس ممن لا يراعون في خطاباتهم القواعد العربية والإعراب والبناء ، ألا ترى أنّه لو سأل القاضي أحد الناس : أليس عليك عشرة دراهم لزيد؟ فقال : نعم ، يؤخذ بالعشرة مع أنّه بحسب القواعد العربية ومن يراعي قوانين لسان العرب يفيد هذا الجواب إنكار الدين ، ومن هنا قيل أنّهم لو أجابوا في جواب قوله سبحانه وتعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) بنعم لكفروا ، ولذلك أيضا ذكرنا في الفرع الذي تعرّض له في الشرائع أنّه اعتراف بالدراهم ، لا لنصب الدرهم بل لكون ظاهر الخطاب استعمال إلّا استثنائية لا وصفية.
دلالة «إنّما» على الحصر
[١] وممّا يدلّ على الحصر والاختصاص كلمة «إنّما» ، فتستعمل تارة في حصر
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٤٣٨.