قلت : لا يخفى أن دلالته على كل فرد إنما كانت لأجل دلالته على العموم والشمول ، فإذا لم يستعمل فيه واستعمل في الخصوص ـ كما هو المفروض ـ مجازا ، وكان إرادة كل واحد من مراتب الخصوصيات مما جاز انتهاء التخصيص إليه ، واستعمال العام فيه مجازا ممكنا ، كان تعين بعضها بلا معين ترجيحا بلا مرجح ، ولا مقتضي لظهوره فيه ، ضرورة أن الظهور إمّا بالوضع وإمّا بالقرينة ، والمفروض أنه ليس بموضوع له ، ولم يكن هناك قرينة ، وليس له موجب آخر ، ودلالته على كل فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته على العموم ، لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم ، إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه ، فالمانع عنه وإن كان مدفوعا بالأصل ، إلّا أنه لا مقتضي له بعد رفع اليد عن الوضع ، نعم إنما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلّا في العموم ، كما فيما حققناه في الجواب ، فتأمل جيدا.
______________________________________________________
عدم إرادة البعض الآخر (١).
ولكن لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ، والوجه في ذلك أنّ استعمال العام وإرادة كلّ واحد من أفراده ليس من قبيل استعمال اللفظ في أكثر من معناه ليكون استعماله في فرد كاستعماله في أكثر الأفراد ، بأن لا تختلف الإرادة بالإضافة إلى المعاني المتعددة ، بل يكون الاختلاف بإرادة معنى آخر عند إرادة الأكثر وعدم إرادة المعنى الآخر عند عدم استعماله في الأكثر.
وبتعبير آخر : يكون إرادة المعنى الآخر عند استعماله في كلا المعنيين الحقيقي والمجازي ، بإرادة مستقلّة غير الإرادة المستقلّة بالإضافة إلى معناه الحقيقي ، وعدم استعماله إلّا في معناه الحقيقي لا يوجب انضمام تلك الإرادة المستقلة إلى الإرادة
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٩٢.