والسرّ في ذلك ، أن الكلام الملقى من السيد حجة ، ليس إلّا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن إرادته للعموم ، فلا بد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه ، مثلا إذا قال المولى : (أكرم جيراني) وقطع بأنه لا يريد إكرام من كان عدوا له منهم ، كان أصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام ، للعلم بعداوته ، لعدم حجة أخرى بدون ذلك على خلافه ، بخلاف ما إذا كان المخصص لفظيا ، فإن قضية تقديمه عليه ، هو كون الملقى إليه كأنه كان من رأس لا يعم الخاص ، كما كان كذلك حقيقة فيما كان الخاص متصلا ، والقطع بعدم إرادة العدو لا يوجب انقطاع حجيته ، إلّا فيما قطع أنه عدوه ، لا فيما شك فيه ، كما يظهر صدق هذا من صحة مؤاخذة المولى لو لم يكرم واحدا من جيرانه لاحتمال عداوته له ، وحسن عقوبته على مخالفته ، وعدم صحة الاعتذار عنه بمجرد احتمال العداوة ، كما لا يخفى على من راجع الطريقة المعروفة ، والسيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور.
______________________________________________________
الشبهة المصداقية للمخصّص اللبّي ، وذلك لأنّ الكلام الملقى إلى المكلّف بعنوان الحجّة واحد وهو خطاب العام ورفع اليد عنه بالإضافة إلى الأفراد التي يحرز حكم العقل فيها من رفع اليد عن حجّة بحجّة أخرى وهي العلم بعدم ثبوت حكم العام لها ، وأمّا بالإضافة إلى الأفراد التي لا يحرز كونها موردا لحكم العقل يكون رفع اليد فيها عن خطاب العام من رفع اليد عن الحجّة بلا علم بالخلاف كما إذا قال لعبده «أكرم جيراني» وجزم العبد بأنّ مولاه لا يريد إكرام عدوّه يكون رفع اليد عن ظهور خطاب العام بالإضافة إلى المحرز عداوته عذرا ، بخلاف رفع اليد بالإضافة إلى المحتمل عداوته ، ويظهر ذلك لمن سار مع السيرة المألوفة في المحاورات ، فانّ العرف يرى ظهور العام حجّة إلّا بالإضافة إلى الأفراد التي أحرز حكم العقل فيها.