والتحقيق أن يقال : إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكلفة لأحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها ، إذا أخذ في موضوعاتها أحد الأحكام المتعلقة بالأفعال بعناوينها الأولية ، كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد ، والوفاء بالنذر وشبهه في الأمور المباحة أو الراجحة ، ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل أنه إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته.
نعم لا بأس بالتمسك به في جوازه بعد إحراز التمكن منه والقدرة عليه ، فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا ، فإذا شك في جوازه صح التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها ، وإذا كانت محكومة بعناوينها الأولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية ، وقع المزاحمة بين المقتضيين ، ويؤثر الأقوى منهما [١] لو كان
______________________________________________________
بالقدرة على المحلوف عليه وفي مثل الوضوء بالجلاب لا يحرز هذا الشرط ليتمسّك بخطاب وجوب الوفاء ، هذا كلّه فيما كان الخطاب الدالّ على حكم الفعل بعنوانه الأوّلي مجملا.
تزاحم العنوان الأولى مع الثانوي
[١] يعني إذا لم يكن الخطاب الدالّ على الحكم بالعنوان الأوّلي مجملا بل كان مبيّنا ولكن كان الخطاب الدالّ على حكمه بالعنوان الثاني مخالفا لحكمه بالعنوان الأوّلي ، كما إذا كان الخطاب الدالّ على حكمه بالعنوان الأوّلي وجوبا والخطاب الدال على حكمه بالعنوان الثانوي مقتضيا لحرمته ، وقعت المزاحمة بين المقتضيين ويؤثّر الأقوى منهما لو كان في البين وإلّا لا يحكم بأحدهما لاستلزامه الترجيح بلا مرجّح فيحكم بحكم آخر كالإباحة في الفرض.
أقول : لو فرض الاختلاف في مدلولي الخطابين أحدهما دالّ على حكم الفعل