وتوهم صحة التزام التعميم في خطاباته تعالى لغير الموجودين ، فضلا عن الغائبين ، لإحاطته بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال ، فاسد ، ضرورة أن إحاطته لا توجب صلاحية المعدوم بل الغائب للخطاب ، وعدم صحة المخاطبة معهما لقصورهما لا يوجب نقصا في ناحيته تعالى ، كما لا يخفى ، كما أن خطابه اللفظي لكونه تدريجيا ومتصرم الوجود ، كان قاصرا عن أن يكون موجها نحو غير
______________________________________________________
إلى الإيقاع والإنشاء وجودها الواقعي ما لم يكن في البين ما يمنع عن الانصراف ويمكن دعوى وجود ما يمنع عن الانصراف المزبور غالبا في كلام الشارع ، والمانع وضوح عدم اختصاص الحكم الذي يتضمنه الخطاب في مثل يا أيها الناس ويا أيها المؤمنون بالحاضر مجلس الخطاب.
أقول : يصحّ من المتكلّم توجيه كلامه إلى كلّ من يمكن أن يصل إليه كلامه الذي له نحو بقاء ولو اعتبارا كما إذا كان مكتوبا في لوحة أو غيرها أو مضبوطا ومسجّلا في شريط مثلا ، فإنّ إرادة توجيهه إلى السائرين حتّى بحسب العصور المتأخرة والأزمنة المتعاقبة بقصد تفهيم كلّ من يحصل له ـ ولو مستقبلا ـ العنوان الكذائي ، أمر ممكن لا امتناع فيه.
نعم ، لا يمكن قصد ذلك إذا لم يكن لكلامه نحو بقاء ليصل إلى الآخرين بأن يقصد منه تفهيم كلّ من يحصل له في ظرف وجوده العنوان الواقع تلو الأداة ويريد جلب نظره والتفاته إليه ، وفي هذه الصورة لا يكون النداء والخطاب إلّا بنحو الدعاء وتنزيل الغائب والمعدوم بمنزلة الموجود ومخاطبته إظهارا لشوقه للمخاطبة معه أو تحسرا أو تحزنا لا إرادة توجيه الكلام إليه حقيقة ، طلبا لالتفاته حقيقة.
وبالجملة إذا كان الكلام بحيث يمكن وصوله إلى من يريد توجهه وجلب التفاته إليه يصحّ النداء والخطاب حقيقة فيما لا يكون في البين ما يمنع عن هذا