اللهمّ إلّا أن يقال بحجية أصالة الحقيقة تعبدا ، لا من باب الظهور ، فيكون المرجع عليه أصالة العموم إذا كان وضعيا ، لا ما إذا كان بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، فإنه لا يكاد يتم تلك المقدمات مع صلوح الاستثناء للرجوع إلى الجميع ، فتأمل.
______________________________________________________
تلك النسبة الجزئية بنحو تطبيق المستعمل فيه عليها ، ومن ذلك يظهر انّ احتمال رجوع الاستثناء لجميع الجمل كاحتمال اختصاصه بالأخيرة ، فلا يكون لها ظهور في أحدهما ولا يكون أيضا لسائر الجمل ظهور في العموم لاحتفافها بما يمنع عن ظهورها في العموم فيرجع إلى غيره من الدليل أو الأصل العملي.
إلّا أن يلتزم باعتبار أصالة الحقيقة تعبّدا لا من باب حجّية الظهور فإنّه على القول بكون أصالة الحقيقة معتبرة تعبّدا لا من باب حجّية الظهور يؤخذ بها في سائر الجمل إذا كان عمومها وضعيا بخلاف ما إذا كان إطلاقيا موقوفا على تمامية مقدّمات الإطلاق فإنّ مع الاستثناء بعد الجمل واحتمال رجوعه إلى الجميع لا تتمّ مقدّمات الإطلاق.
أقول : رجوع الاستثناء إلى الجميع لا يوجب كون استعمال العام مجازا ليرجع إلى أصالة الحقيقة في نفيه كما تقدّم نظير ذلك سابقا.
وللمحقق النائيني قدسسره في المقام تحقيق حاصله : أنّ الاستثناء لا يرجع إلّا إلى عقد الوضع فهو تارة لا يتكرّر بأن لا يذكر العنوان العام إلّا في الجملة الأولى كقوله «أكرم العلماء وأضفهم وأحسن إليهم إلّا الفسّاق منهم» ففي مثل ذلك يرجع الاستثناء إلى تمام الجمل لأنّ الاستثناء المتصل لا بدّ من رجوعه إلى العنوان العام ومعه يقع التخصيص بالإضافة إلى جميع الأحكام الواردة قبله ، وأخرى يتكرّر عقد الوضع بأن يتكرر العنوان في الجملة الأخيرة كما إذا قال : (أكرم العلماء وأحسن إليهم وجالس العلماء إلّا الفسّاق منهم) وفي مثل ذلك يرجع التخصيص إلى العام الأخير حيث يجد الاستثناء محلّه فيه ولا موجب معه لرفع اليد عن العموم بالإضافة إلى غير الأخيرة.