أولا ، وعلى الثاني إما أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا ، لئلا تتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الأحكام ، ومرجعه على الأخير إلى القواعد المقررة عقلا أو نقلا لغير القاطع ، ومن يقوم عنده الطريق ، على تفصيل يأتي في محله ـ إن شاء الله تعالى ـ حسبما يقتضي دليلها.
وكيف كان فبيان أحكام القطع وأقسامه ، يستدعي رسم أمور :
الأمر الأول : لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا [١] ، ولزوم الحركة على طبقه جزما وكونه موجبا لتنجّز التكليف الفعلي فيما أصاب.
______________________________________________________
الظاهرية. فقد رجع فيها إلى المجتهد في كلا العلمين وإن لم يلتفت إلى ذلك تفصيلا ، وفحص المجتهد في الوقائع لحصول العلم الأوّل لا أنّ للفحص بنفسه خصوصية وموضوعية ، ويأتي تمام الكلام في ذلك في بحث جواز التقليد إن شاء الله تعالى.
وجوب العمل بالقطع عقلا
[١] ظاهر كلامه قدسسره أنّه مع القطع بالحكم الفعلي يترتب عليه عقلا وجوب متابعته والعمل على طبقه ، وأن القطع بالتكليف الفعلي يوجب تنجّزه فيما أصاب باستحقاق الذم والعقاب على مخالفته ، وكون العمل به عذرا فيما إذا أخطأ قصورا ، وقال : صريح الوجدان ـ أي عقل كل إنسان ـ شاهد وحاكم بذلك فلا يحتاج إلى إقامة الدليل على ذلك.
أقول : لا ينبغي التأمل في أن وجوب متابعة القطع بالحكم الفعلي عين لزوم العمل على طبقه ، فالمراد منهما واحد ، وأنّ الثاني عطف تفسير للأوّل ، وهل كون القطع بالتكليف الفعلي ووجوب متابعته أيضا عين كونه منجّزا للتكليف فيما إذا أصاب كما احتمل البعض ، أو أنّ المراد منهما متعدّد؟ وظاهر كلامه كما ذكرنا تعدّدهما وكون كلّ منهما مترتبا على القطع بالتكليف عقلا من غير أن يكون بينهما