الأمر الثالث : إنه قد عرفت أن القطع بالتكليف أخطأ أو أصاب ، يوجب عقلا استحقاق المدح والثواب ، أو الذم والعقاب ، من دون أن يؤخذ شرعا في خطاب ، وقد يؤخذ في موضوع حكم آخر يخالف متعلّقه [١].
______________________________________________________
في أقسام القطع
[١] وحاصله أنّ القطع بالتكليف قد يكون موضوعا لحكم آخر يخالف ذلك الحكم الذي تعلق به القطع ولا يكون مماثلا ولا مضادّا له ، والمراد بالتخالف في الحكمين عدم اتحادهما في المتعلق ، كما في قوله : إذا قطعت بوجوب شيء يجب عليك التصدق بدرهم فإنّ التصدق بدرهم فعل آخر غير الفعل الذي تعلّق به الحكم المقطوع ، كما أنّ المراد بالحكمين المتماثلين أو المضادّين كون فعل متعلقا لحكمين من نوع أو نوعين وبما أنّ القطع من الصفات الحقيقية ذات الإضافة ، ولذا يكون العلم نورا لنفسه ونورا لغيره صحّ أن يؤخذ القطع بحكم موضوعا لحكم آخر بما هي صفة خاصة وحالة مخصوصة بالغمض عن جهة كشفه عن متعلقه ، ومن غير أن تؤخذ مع تلك الصفة خصوصية اخرى ، كما يصحّ أن يلاحظ معها خصوصية اخرى كحصول متعلّقه خارجا ، فيكون على الأول : تمام الموضوع بما هي صفة خاصة ، وعلى الثاني جزء الموضوع بما هي صفة خاصة ، كما يصحّ أن يؤخذ في موضوع حكم آخر بما هو كاشف عن متعلقه وحاك عنه بنحو يكون تمام الموضوع أو جزئه ، فتكون أقسام القطع الموضوعي أربعة مضافا إلى ما تقدم من القطع الطريقي المحض.
أقول : كما أنّ القطع بحكم يكون موضوعا لحكم آخر كذلك يمكن كون القطع بصفة موضوعا لحكم كما إذا جعل القطع بخمرية مائع موضوعا للحكم بنجاسته أو حرمة شربه وفي هذا الفرض أيضا يمكن أخذه بما هو صفة خاصة وحالة مخصوصة تمام الموضوع للحكم بالنجاسة والحرمة وأخرى مع ثبوت متعلقه وصفا أو طريقا.