فإن الدليل الدال على إلغاء الاحتمال ، لا يكاد يكفي إلّا بأحد التنزيلين ، حيث لا بد في كل تنزيل منهما من لحاظ المنزّل والمنزّل عليه ، ولحاظهما في أحدهما آليّ ، وفي الآخر استقلالي ، بداهة أن النظر في حجيته وتنزيله منزلة القطع في طريقيته في الحقيقة إلى الواقع ومؤدى الطريق ، وفي كونه بمنزلته في دخله في الموضوع إلى أنفسهما ، ولا يكاد يمكن الجمع بينهما.
______________________________________________________
ذلك التكليف الواقعي إذا أصابت الأمارة الواقع ، بل وترتب ما للعلم بالتكليف بما هو طريق من وجوب التصدق ، وقد تقدم أن اعتبار الشارع الأمارة علما بالواقع من قسم الحكم الظاهري ، فعلى المكلف رعاية التكليف الواقعي والأثر الشرعي المترتب على العلم بالواقع ، فمع إصابتها الواقع ليس وراء ما في الواقع أمرا آخر من جعل المؤدى أو جعل المنجزية والمعذرية ، ومع عدم إصابتها يكون اعتبارها علما مجرد حكم ظاهري من غير توسعة وتضيق بالإضافة إلى الواقع ، وأما في موارد الاصول المحرزة فمقتضى دليل اعتبارها كون المكلّف عالما بالواقع ولكن ليس في هذا الاعتبار تتميم كشف وإنما يعتبر الشاك في الواقع عالما فيترتب عليه ما للعلم من الجري العملي عليه لأنّ اعتبار المكلّف عالما إما في مقام الامتثال كما في مثل قاعدتي الفراغ والتجاوز ، وإما في مقام عدم الطريق الوجداني التام إلى الحكم الواقعي وعدم قيام طريق كاشف اعتباري كذلك إلى ذلك الواقع بحيث تكون تمامية كاشفيته بالاعتبار على قرار ما تقدم كما يترتب على ذلك عدم المجال للأصل المحرز مع الأمارة القائمة بالواقع ، فإنّه مع قيامها وشمول دليل الاعتبار لها لا شك للمكلّف ليكون معهما موضوع لاعتبار الأصل ، وليس مفاد دليل اعتبار الأصل الأمر بالجري العملي المقصود منه إبراز فعلية الإرادة ، كما أنّه ليس المقصود من اعتبار الأمارة علما أن يأمر الشارع بالجري العملي ويبرز فعلية الإرادة ، فإنّ تعلق إرادة