وينبغي التنبيه على أمور :
الأول : إن الاضطرار إلى ارتكاب الحرام ، وإن كان يوجب [١] ارتفاع حرمته ، والعقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه ـ لو كان ـ مؤثرا له ، كما إذا لم يكن بحرام بلا كلام ، إلّا أنه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، بأن يختار ما يؤدي إليه لا محالة ، فإن الخطاب بالزجر عنه حينئذ ، وإن كان ساقطا ، إلّا أنه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه وعصيانا لذاك الخطاب ومستحقا عليه العقاب ، لا يصلح لأن يتعلق به الإيجاب ، وهذا في الجملة مما لا شبهة فيه ولا ارتياب.
وإنما الإشكال فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره ، مما ينحصر به التخلص عن محذور الحرام ، كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسطها بالاختيار في كونه منهيا عنه ، أو مأمورا به ، مع جريان حكم المعصية عليه ، أو بدونه ، فيه أقوال ، هذا على الامتناع.
وأما على القول بالجواز ، فعن أبي هاشم أنه مأمور به ومنهي عنه ، واختاره الفاضل القمي ، ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء.
______________________________________________________
الاضطرار إلى ارتكاب الحرام
[١] كان الأولى للماتن قدسسره تغيير هذه العبارة فإنّها لا تخلو عن التعقيد ودأبه قدسسره في الكتاب هو الإيجاز بلا تعقيد.
وقوله : «مؤثرا له» راجع إلى بقاء ملاك وجوبه ، يعني يبقي ملاك وجوبه مؤثرا في الوجوب لو كان فيه ملاكه.
فمراده أنّه لا كلام ولا تأمّل في ارتفاع حرمة الفعل وارتفاع استحقاق العقاب