الثالث : ظاهر لفظ النهي وإن كان هو النهي التحريمي ، إلّا أن ملاك البحث يعم التنزيهي [١] ، ومعه لا وجه لتخصيص العنوان ، واختصاص عموم ملاكه بالعبادات لا يوجب التخصيص به ، كما لا يخفى. كما لا وجه لتخصيصه بالنفسي ، فيعم
______________________________________________________
المنهي عنه ليحكم بفساده فليس للنهي دلالة عليه ، والسرّ في ذكرهم مسألة اقتضاء حرمة العبادة فسادها في مباحث الألفاظ هو أنّ الأصوليين لم يعنونوا للأحكام العقلية غير المستقلة من مباحث الاستلزامات بابا ، ولذا ذكروها في مباحث الألفاظ بمناسبة ما ، هذا إذا قيل بصحّة العمل مع الملاك ، وأمّا بناء على عدم كفايته واشتراط الأمر بالفعل في الحكم بصحته فلذكرها في مباحث الألفاظ وجه لدلالة النهي عن عبادة على عدم الأمر بها (١).
أقول : ما ذكره في وجه جعل الاستلزامات في ضمن مباحث الألفاظ صحيح إلّا أنّ دلالة النهي على عدم الأمر بالمنهي عنه وكذا عكسه لا تدخل في الدلالة اللفظية على ما هو المصطلح عندهم وإلا يكون النهي عن العبادة كاشفا عن عدم الملاك كما يأتي بيانه.
جريان النزاع في النهي التنزيهي والغيري أيضا
[١] تعرض قدسسره في هذا الأمر للمراد من النهي في عنوان النزاع ، حيث يكون النهي تحريميا وتنزيهيا ونفسيا وغيريا ، وبنى على ظاهر النهي وإن كان هو التحريمي ولكنّ المراد هو الأعمّ فيعمّ التنزيهي بأن يراد من النهي الوارد في عنوان النزاع طلب ترك عبادة أو معاملة والقرينة على التعميم عموم ملاك الاقتضاء فإنّ الموجب لبطلان العبادة لا يختصّ بما إذا كان النهي عنها تحريميا بل يعمّ النهي التنزيهي أيضا.
نعم ، هذا التعميم يختصّ بالنهي عن العبادة حيث لا موجب لتوهّم اقتضاء
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٣٨٥.