تأريخ القرآن

البحث

البحث في تأريخ القرآن

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

تأريخ القرآن

( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣) ) (١) .

كان هذا وذاك يستدعي الوقوف فترة زمنية عند رعاية الوحي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التوفيق بين واجباته القيادية ، وحياته الاعتيادية ، فأمام المنافقين نجد الحذر واليقظة يتبعهما الإنذار النهائي باغرار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم ، وعند الحادثتين التاليتين نجد الوحي حاضراً في اللحظة الحاسمة ، فيسليه في الأولى بأن أكثر هؤلاء لا يعقلون . ويعظمه في الثانية بجعل مقامه متميزاً ، فلا يخاطب إلا بصدقة ، ولا يسأل إلا بزكاة .

وما زلنا في هذا الصدد فإننا نجد الوحي رفيقاً أميناً لهذا القائد الموحى إليه ، من هذه الزاوية التوفيقية بين التفرغ لنفسه ، والتفرغ لمسؤولياته ، وهذا أهم جانب يجب أن يكشف في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والكشف عنه إنما يتم بدراسة حياة النبي الخاصة مرتبطة بهذه الظاهرة ، وهي ظاهرة الوحي الإلهي ، ومدى الاتصال والانفصال بينها وبين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحاجته الملحّة إلى هذا الشعاع الهادي ، منذ البدء وحتى النهاية .

لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدعاً من الرسل ، ولم يختص بالوحي دونهم ، بل العكس هو الصحيح ، فقد شاركهم هذه الظاهرة ، وقد أوحي إليه كما أوحي إليهم من ذي قبل ، قال تعالى :

( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ) (٢) .

فقد هدفت الآية وما بعدها إلى بيان حقيقة الوحي الشاملة للأنبياء عليهم‌السلام كافة ، ممن اقتص خبرهم وممن لم يقتص ، وإيثار موسى بالمكالمة وحده .

ويبقى التساؤل قائماً : بماذا تفسر هذه الظاهرة ، وكيف تعلل نفسياً ؟ وكيف تنطبق كونياً ، وكيف عولجت قرآنياً ؟ وهل هي حقيقة تنطلق من ذات

__________________

(١) المجادلة : ١٣ .

(٢) النساء : ١٦٣ ـ ١٦٤ .

left