بعض الغلاة المنتسبين إلى الشيعة : أن عليا عليهالسلام جمع القرآن فكان فيه ما سموه « فضائح المهاجرين والأنصار » وأن عمر طلب إلى زيد بن ثابت أن يسقط من القرآن هذه الفضائح ... (١).
وهذه الرواية ظاهرة النحل والبطلان من وجوه :
أ ـ إن الروايات متظافرة على جمع الإمام علي للقرآن حتى سمي ذلك بمصحف علي ، وهذا المصحف لا يختلف عن مصاحف بقية الصحابة ممن جمعوا القرآن ، ولا عن القرآن المعاصر بشيء ، لأن الإمام علي عليهالسلام كان قد ولي الخلافة ، ولو كان في القرآن شيء منه لم يثبت لأثبته وفق ما يراه وهو الإمام الحاكم آنذاك.
ب ـ قد يستفاد من كثير من النصوص ـ كما أسلفنا القول فيه ـ (٢) أن الإمام علي عليهالسلام قد جمع القرآن ورتبه تأريخيا بحسب النزول وأسبقيته ، ولا مانع من هذا ، كما أنه قد قسمه على سبعة أجزاء بحسب ما أثبته الزنجاني بعنوان ( ترتيب السور في مصحف علي ) وقد طبع في لايبزيك عام ١٨٧١ م (٣).
ومع هذا فلا تختلف سور القرآن ونصوصه عن مصاحف المسلمين في شيء ، إلا أنه قد يجمع التأويل إلى جنب التنزيل ـ كما سترى هذا فيما بعد في دفع الشبهات ـ فيكون مصحفه قد اشتمل على التأويل الصادر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبر به الإمام ، أو الصادر عنه هو بالذات مضافاً إلى أصل القرآن الكريم ، ومن قال بغير هذا فأهل البيت والإمامية براء منه.
ج ـ كيف يصح أن تكون هناك سور وآيات قد فاتت جميع المسلمين ، والقرآن منتشر بين ظهرانيهم ، ولم يستطع أحد أن يحفظ منها شيئاً ، وقد سبق لنا القول بأن حفاظ القرآن في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمئات (٤).
__________________
(١) لبيب السعيد ، الجمع الصوتي الأول للقرآن.
(٢) ظ : فيما سبق : الفصل الثاني : نزول القرآن.
(٣) ظ : الزنجاني ، تأريخ القرآن : ٦٩ ـ ٧٣.
(٤) ظ : فيما سبق. الفصل الثالث : جمع القرآن.