القرآن ، إما بموت من معه شيء من القرآن فضاع ، وإما على سبيل السهو والخطأ ، وعدم الضبط ، شأنه في ذلك شأن المجاميع الأخرى التي تتعرض للطوارئ.
والإجابة عن هذه الشبهة ودفعها ، نرى أن القرآن ـ كما سبق بيانه ـ (١) قد جمع متكاملاً على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فانتفت الشبهة جملة وتفصيلاً.
قال السيد المرتضى علم الهدى ( ت : ٤٣٦ ه ) :
« إن القرآن كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مجموعاً ، مؤلفاً على ما هو عليه الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنه كان يعرض على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتلى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث ، وأن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ، ظنوا صحتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته » (٢).
سادساً : المحاولات ، ما زلت أتذكر ، قبل عشرين عاماً خلت ، ونحن طلبة في الجامعة ، أن أستاذنا الجليل الدكتور أحمد عبد الستار الجواري عضو المجمع العلمي العراقي ، قد لفت أنظارنا ـ من على كرسي التدريس ـ إلى حادث خطير ، يجب على العرب والمسلمين أن يحتدوا طاقاتهم لمحاربته ، والوقوف بحزم يدا واحدة لصده ، وهو قيام إسرائيل بمحاولة جادة لتحريف القرآن. وأتذكر أيضا أننا أصبنا بما يشبه وقع الصاعقة ، وقلبنا وجوه الاحتمالات في الموضوع ، وبعد حين ظهر صدق الحديث ، فقد جاء في الإعلام المصري ما يؤيد هذا النبأ الجلل ، وقرأنا آنذاك عن الخطوات التي اتخذت تجاهه.
__________________
(١) ظ : فيما سبق ، الفصل الثالث ـ جمع القرآن.
(٢) الطبرسي ، مجمع البيان : ١ / ١٥.