كنت فيما سبق ، قد توخيت الدقة في البحث ، والموضوعية في الاستنتاج ، والحيطة في المقارنة ، فعرضت أمهات المسائل ، وأثرت عشرات الجزئيات ، وانتهيت إلى العديد من النتائج ، وكان الرائد الأول في جميع ذلك هو استقراء الحقيقة وحدها ، وما يدريك فلعلي قد أصبت الهدف ، ولعلي قد أخطأت التقدير ، والله أعلم وهو المسدد إلى الصواب .
مهما يكن من أمر ، فقد توصلت إلى بعض المؤشرات في النتائج يمكن إجمالها ـ بكل تواضع ـ على الشكل الآتي :
١ ـ انتهينا في الفصل الأول من معالجة ظاهرة الوحي معالجة علمية ، فرقنا فيها بين الوحي والكشف والإلهام ، ووجدنا الوحي عملية مرتبطة بحوار ثنائي : بين ذات أمرة ، وذات متلقية ، ورأينا ظاهرة الوحي مرئية ومسموعة ، ولكنها خاصة بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده .
ولم يكن الوحي ظاهرة ذاتية عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إطلاقاً ، بل كانت منفصلةً عنه انفصالاً تاماً ، ربما صاحبه من خلالها إمارات خارجية في شحوب الوجه أو تصبب الجبين عرقاً ، ولكنها إمارات لم تكن لتمتلك عليه وعيه نهائياً ، وكان الداعي لبحث ذلك هو الرد على هجمات طائفة من المستشرقين الذين يرون الوحي نوعاً من الإغماء ، أو مثلاً من التشنج ، والأمر ليس كذلك ، بل هو استقبال لظاهرة ، أعقبه هذا الوقع ، استعداد للنشر والتبليغ . بعد هذا أرسينا مصطلح الوحي على قاعدة من الفهم القرآني .
٢ ـ انتهينا في الفصل الثاني من تحديد
بداية نزول القرآن زمنياً ، وتعيين ما نزل منه أول مرة ، ثم أشرنا للنزول التدريجي ، وضرورة تنجيم القرآن ، وعالجنا هذه الظاهرة بما نمتلك من تقليل لأسرارها ، وتقييم