١ ـ أن المكي ما نزل بمكة ، والمدني ما نزل المدينة.
٢ ـ أن المكي ما نزل قبل الهجرة ، والمدني ما نزل بعد الهجرة.
٣ ـ أن المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة ، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة (١).
ولكل من هذه الاصطلاحات مبررها التأريخي ، فالقول الأول ينظر إلى مكان النزول دون الالتفات إلى حدث الهجرة ، فالمكي ما نزل في مكة وإن كان بعد الهجرة ، والمدني ما نزل بالمدينة لا خارج حدودها ، فالمكان جزء من التأريخ في عملية التحديد.
والقول الثاني ، وهو المشهور ، ينظر إلى الزمان من خلال حدث الهجرة ، والزمان جزء من التاريخ ، وإن لم يكن التأريخ بعينه ، فما نزل قبل الهجرة فمكي ، وما نزل بعد الهجرة فمدني.
والقول الثالث ، ينظر إلى الأشخاص ، فما وقع خطاباً لأهل مكة فهو مكي بحكم من نزل بين ظهرانيهم ، وما وقع خطاباً لأهل المدينة فهو مدني بلمح من نزل فيهم ، والأشخاص عنصر التأريخ ومادته الأولى.
إلا أن المشهور بين العلماء والمفسرين ، وهو الرأي الثاني لاعتبار الهجرة هي الحدث الفصل في تأريخ الرسالة الإسلامية ، فالمكي ما نزل قبلها ، وإن خوطب به أهل المدينة ، وإن نزل حواليها كالمنزل بمنى وعرفات والجحفة مثلاً ، أو خارجها كالمنزل في الطائف أو بيت المقدس ، بل وإن كان حكمه مدنياً.
والمدني ما نزل بعد الهجرة ، وإن خوطب به أهل مكة ، وإن نزل حواليها كالمنزل ببدر وأحد وسلع مثلاً ، أو خارجها كالمنزل في الحديبية أو في مكة في حجة الوداع ، بل وإن كان حكمه مكياً.
والحق أن علمائنا القدامى قد عنوا في هذا الجانب عناية فائقة ، تتناسب مع جلال القرآن وعظمته ، واعتبروا علم نزول القرآن زمانياً ومكانياً
__________________
(١) ظ : الزركشي ، البرهان : ١ / ١٨٧.