هناك اتجاهان رئيسيان في شأن نشوء القراءات القرآنية ومصادرها .
الأول : أن المصحف العثماني قد كتب مجرداً عن الشكل والنقط والإعجام ، فبدا محتمل النطق بأحد الحروف المتشابهة في وجوه مختلفة ، فنشأت نتيجة ذلك القراءات المتعددة للوصول إلى حقيقة التلفظ بتلك الألفاظ المكتوبة ، ضبطاً لقراءة القرآن على وجه الصحة وكما نزل . وفي هذا الضوء تكون القراءات القرآنية اجتهادية فيما احتمل موافقته للصحة من جهة الرسم القرآني أو العربية ، وقد تكون روائية في إيصال النص القرآني مشافهة عن طريق الإسناد ، فيصحح الرسم القرآني في ضوء الإسناد الروائي .
الثاني : أن منشأ ذلك هو التوصل بالرواية المسندة القطعية المرفوعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كيفية القراءة القرآنية إلى النطق بآيات القرآن الكريم كما نطقها ، وكما نزلت عليه وحياً من الله تعالى ، بغض النظر عن كتابة المصحف الشريف ، وفي هذا الضوء فهي الطرق المؤدية بأسانيدها المختلفة حتى تتصل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا كان الأمر كذلك ، وتحققت هذه الطرق بالأسانيد الصحيحة الثابتة ، فالقراءات متواترة وليست اجتهادية .
وقد ادعى المستشرق المجري جولد تسهير أن نشأة القراءات كانت بسبب تجرد الخط العربي من علامات الحركات ، وخلوه من نقط الإعجام (١) .
__________________
(١) ظ : جولد تسهير ، مذاهب التفسير الإسلامي : ٨ وما بعدها .