.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّه يقال : لا يقع التكاذب والتنافي في دلالة الخطابين أصلا حتّى تقع المعارضة بين الإطلاقين ، وذلك فإنّ المقيّد لموضوع التكليفين بالتمكّن هو العقل الحاكم بقبح التكليف بما لا يطاق ، فلا بدّ من أن يكون تقييده موضوع التكليف بالقدرة على متعلّقه بحيث لا يلزم منه المحذور المذكور بأن لا يكون في ناحية الأمر بالمهم إطلاق كما ذكر ، فإنّ الفعل في ناحية الأمر بالمهمّ يستقلّ باعتبار التمكن من متعلّقه في ظرف عدم صرفه على امتثال التكليف بالأهمّ أو مثله ، وفي فرض العجز الحاصل عن هذا الصرف لا تكليف بالإضافة إلى المهم ، ولو كان التكليفان في الأهميّة سواء أو كان كلّ منهما محتمل الأهميّة فهذا النحو من التقييد حاصل في ناحية كلّ من التكليفين ، بخلاف ما إذا كان أحد التكليفين أهمّ أو محتمل الأهميّة بالإضافة إلى الآخر فلا يكون تقييد في ناحية التكليف الأهمّ أو لم يحرز التقييد في ناحيته ويؤخذ بإطلاق خطاب وجوبه بخلاف الخطاب الآخر فإن الإطلاق في ناحية خطاب وجوبه غير باق قطعا.
ومن المرجّحات في باب التزاحم ما إذا كان ظرف امتثال أحد التكليفين مع فرض فعليّتهما معا أسبق من الآخر ، حيث يتعيّن صرف القدرة على ما يكون ظرف امتثاله أسبق ؛ لأنّ تركه في ظرف امتثاله ترك للواجب مع التمكّن من امتثاله ، وهذا الامتثال وإن يوجب عدم بقاء القدرة على امتثال التكليف الآخر إلّا أنّ التكليف الآخر يرتفع بانتفاء الموضوع له والعقل لا يمنع عنه ، فإنّه من ارتفاع التكليف بانتفاء القدرة عليه لا بسوء الاختيار. نعم ، لو احرز أهميّة التكليف الآخر بحيث يتعيّن على المكلّف تحصيل القدرة عليه وحفظها لزم رعاية التكليف اللاحق حتّى في بعض موارد احتماله ، كما إذا كان للمكلف ماء ودار أمره بين صرفه على اغتساله من الجنابة قبل