هذا هو قضية القاعدة في تعارض الأمارات ، لا الجمع بينها بالتصرف في أحد المتعارضين أو في كليهما ، كما هو قضية ما يتراءى مما قيل من أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، إذ لا دليل عليه فيما لا يساعد عليه العرف مما كان المجموع أو أحدهما قرينة عرفية على التصرف في أحدهما بعينه أو فيهما ، كما عرفته في
______________________________________________________
يحتمل أن يفوت منه الملاك الملزم أصلا ، لاحتمال أن يكون الملاك الاضطراري بعد ارتفاع القدرة على مبدله وتعلّق الأمر ببدله كافيا بتمام ملاك مبدله ، وظهور الخطاب الاضطراري في حفظ القدرة على مبدله إنما هو فيما إذا لم يكن صرفها في واجب آخر فعلي.
عدم وقوع التعارض بين دليل جزئيّة شيء وجزئيّة الآخر أو شرطيّته إلّا عند عدم التمكّن من الجمع بينهما ولكن بين خطابيهما جمع عرفي
وقد يقال : من صغريات ذلك ما إذا كان المكلّف واجدا لمقدار من الماء ولا يكفي إلّا لوضوئه أو تطهير بدنه أو ثوبه ، حيث إنّ الوضوء يعتبر في الصلاة عند التمكّن منه كما هو المستفاد من قوله سبحانه : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(١) بخلاف تطهير الثوب والبدن ، فإنّ المعتبر فيه القدرة عليه عقلا فيقدّم تطهير الثوب والبدن ويتيمّم للصلاة بعده.
وفيه ما تقدّم من أنّ الأمر بالوضوء وكذا الأمر بتطهير الثوب إرشاد إلى دخالة كلّ منهما في الصلاة ، وبما أنّ اعتبار كلّ منهما في الفرض يوجب سقوط الصلاة رأسا فنعلم إجمالا عدم اعتبارهما فيها معا فيكون ما دلّ على وجوب الصلاة في الفرض مجملا مردّدا أمرها بين الصلاة مع طهارة الثوب أو البدن مع التيمّم لها ، أو الصلاة مع
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٤٣.