فصل
هل على القول بالترجيح ، يقتصر فيه على المرجحات المخصوصة المنصوصة ، أو يتعدى إلى غيرها؟ قيل بالتعدي ، لما في الترجيح بمثل الأصدقية والأوثقية ونحوهما ، ممّا فيه [١] من الدلالة على أن المناط في الترجيح بها هو كونها موجبة للأقربية إلى الواقع ، ولما في التعليل بأن المشهور ممّا لا ريب فيه ، من استظهار أن العلّة هو عدم الريب فيه بالإضافة إلى الخبر الآخر ولو كان فيه ألف ريب ،
______________________________________________________
أقول : الظاهر عدم صحة الأخذ بالاستصحاب وعدم تمام الإطلاق.
أمّا الأوّل فلأنّ التخيير الثابت سابقا هو جعل أحد الخبرين حجّة في حقّه بالأخذ به ، وبعد الأخذ بأحدهما وصيرورته حجّة يكون التخيير بمعنى إخراج ذلك المأخوذ سابقا عن الاعتبار وجعل الآخر حجّة ، وهذا لم يكن ثابتا في السابق ليستصحب ، هذا مع الغض عما ذكرنا سابقا من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة.
وأمّا التمسّك بالإطلاق فلأنّ الخطاب بالتخيير متوجه إلى من لم يأخذ بشيء من المتعارضين ، لعدم علمه بما هو الحجّة والوظيفة بحسب الواقع في الواقعة ، ولا يتوجّه هذا الخطاب إلى من تعيّن أحدهما للحجية له وصيرورته وظيفة في الواقعة ، ولو لم يكن هذا ظاهر ما تقدّم من خبر الحسن بن الجهم ، فلا أقلّ من عدم ظهوره في الإطلاق.
إمكان التعدّي من المرجّحات المنصوصة
[١] قد تقدّم أنّ الصفات المشار إليها لم ترد في رواية معتبرة كونها مرجّحة لأحد المتعارضين من الخبرين على الآخر ، وما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة أنّها مرجّحة لأحد الحكمين أو الفتويين على الآخر ، نعم لو كانت الصفات المشار إليها واردة في ترجيح أحد الخبرين المتعارضين لم يمكن التعدي منها إلى غيرها وإن