وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الأمر بينهما ، من كون ظهور العام في العموم تنجيزيا ، بخلاف ظهور المطلق في الاطلاق ، فإنه معلّق على عدم البيان ، والعام يصلح بيانا ، فتقديم العام حينئذ لعدم تمامية مقتضى الإطلاق معه ، بخلاف العكس ، فإنه موجب لتخصيصه بلا وجه إلّا على نحو دائر. ومن أن التقييد أغلب
______________________________________________________
على النسخ ، وهذا لا يجري بين التخصيص والتقييد ، فإن كثرة التخصيص أيضا بمثابة ما قيل ما من عامّ إلّا وقد خصّص.
دوران الأمر بين رفع اليد عن العموم الوضعيّ أو العموم الإطلاقيّ
أقول : لا ينبغي التأمّل في أنّ المقدمات الجارية في ناحية المطلق توجب انعقاد ظهوره الاستعمالي في ناحية المطلق في الإطلاق ، بحيث يصحّ أن ينسب إلى المتكلم أنّه حين التكلم بخطاب المطلق أظهر عموم حكمه وإطلاقه ، بأن يقال : أظهر سبحانه بقوله : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) حلّية كلّ بيع ، وهذا الظهور الاستعماليّ في ناحية العامّ بالوضع ، وفي ناحية المطلق ببركة مقدّمات الإطلاق ، كما في الفرق بين قوله عليهالسلام : «كلّ قرض جرّ منفعة فهو ربا» (١) وبين قوله عليهالسلام : «إنّ المقرض إذا اشترط قرضه نفعا فهو ربا» (٢) وعلى ذلك فورود خطاب القيد كورود خطاب الخاصّ لا يوجب انحلال الظهور الاستعمالي ، لا في ناحية المطلق ولا في ناحية العامّ.
نعم ترتفع أصالة التطابق بين الإطلاق ومقام الثبوت في مورد دلالة خطاب القيد من حين وروده ، كما أنّ أصالة التطابق في ناحية خطاب العامّ ترتفع من حين ورود خطاب الخاصّ ، نظير ارتفاع الموضوع للأصل العمليّ من حين قيام الطريق إلى
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٣ : ٤٠٩.
(٢) انظر وسائل الشيعة ١٨ : ١٤٤ ، الباب ١٢ من أبواب الربا.