بخبر الواحد ، إلّا أن الأخبار الدالة على أخذ الموافق من المتعارضين غير قاصرة عن العموم لهذه الصورة ، لو قيل بأنها في مقام ترجيح أحدهما لا تعيين الحجة عن اللاحجة ، كما نزلناها عليه ، ويؤيده أخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية المخالف من أصله ، فإنهما تفرغان عن لسان واحد ، فلا وجه لحمل
______________________________________________________
والخفقتين لا توجب الوضوء (١) ، وورد في خبر آخر أنّهما توجبانه ، فالدالّ على كونهما موجبتين له موافق لإطلاق الآية المباركة ، فعلى تقدير كون موافقة الكتاب مرجّحا يؤخذ بالخبر الدّال على وجوب الوضوء بهما ، ويرفع اليد به عن إطلاق المستثنى منه في قوله عليهالسلام : لا ينقض الوضوء إلّا البول والغائط والريح والجنابة والنوم (٢) ، فإنّ مدلوله أنّ غير الخمسة لا ينقض الوضوء ولا يوجبه إلّا الخفقة ، بخلاف ما إذا قيل بتساقط الخبرين وكون الكتاب مرجعا ، فإنّه على ذلك لا تصل النوبة إلى الأخذ بعموم الكتاب وإطلاقه ، بل يرجع إلى إطلاق المستثنى منه في الخبر الدّال على حصر النواقض ، فإنّ هذا الخبر بالإضافة إلى الكتاب أخصّ كما لا يخفى ، فتكون النتيجة عدم كونهما موجبتين للوضوء ، ولا بدّ من الالتزام بكون موافقة الكتاب مرجّحة لأحد الخبرين لا مرجعا ، كما هو ظاهر مقبولة عمر بن حنظلة بل وغيرها ، حيث أمر سلام الله عليه فيها بالأخذ بالخبر الموافق.
بقي في المقام أمر وهو ما قيل من أنّ المرجّح لأحد المتعارضين في الخبر موافقة العموم الوضعيّ للكتاب ولا تفيد موافقة إطلاقه ؛ لأنّ الإطلاق غير داخل في مدلول الكتاب أي مدلول ألفاظه ، بل هو حكم عقليّ يترتّب عقلا على تماميّة مقدمات الحكمة في ناحية المطلق ، وما هو من الكتاب المدلول عليه لذات المطلق
__________________
(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ٢٥٤ ، الباب ٣ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٨.
(٢) المصدر السابق : ٢٥١ ، الباب ٢ ، الحديث ٨.