وأمّا الترجيح بمثل الاستصحاب ، كما وقع في كلام غير واحد من الأصحاب ، فالظاهر أنه لأجل اعتباره من باب الظنّ والطريقيّة عندهم [١].
______________________________________________________
الربيبة ينافي الكتاب المجيد الدالّ على حرمتها فيما دخل بأمّها ، تسقط اعتبار خبر عدم حرمتها في فرض الدخول بامّها ، ويبقى من مدلوله عدم حرمة ربيبة لم يدخل بأمّها ، وهذا المدلول أخصّ بالإضافة إلى الخبر الدالّ على حرمة الربيبة ، فيرفع اليد به عن إطلاق الخبر الدالّ على حرمة الربيبة وأنّ حرمتها فيما إذا دخل بأمّها ، فلا حرمة فيما إذا لم يدخل بأمّها ، وهذا بناء على انقلاب النسبة ظاهر ، وأمّا بناء على إنكاره كما عليه الماتن قدسسره فالأمر أيضا كذلك ؛ لأنّه يلزم من تقديم الخبر الدالّ على حرمتها مطلقا إلغاء قيد الدخول بأمّها في الآية ، وحمله على القيد الغالب كقيد (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)(١) تكلّف بلا موجب ، كما لا موجب لطرح الخبر الدالّ على عدم حرمتها في مورد افتراقه عن مدلول الآية ؛ لأنّ مورد افتراقه ليس مخالفا للكتاب المجيد ، ليكون باطلا مطلقا.
في عدم كون الاستصحاب مرجّحا لأحد الخبرين المتعارضين
[١] لا يخفى أنّ الاستصحاب بناء على كونه أمارة ظنيّة على الواقع ـ للغلبة بين حدوث الشيء وبقائه ـ يكون من القسم الأوّل الذي لم يقم على اعتباره دليل ، فيجري في الترجيح به ما تقدّم في الترجيح بالقسم الأوّل.
لا يقال : المفروض اعتبار الاستصحاب ، فيكون من القسم الثالث.
فإنّه يقال : بناء على كونه أمارة للواقع وموجبا للظنّ بمدلول أحد الخبرين المتعارضين أو كون مدلوله أقرب إلى الواقع من مدلول الخبر الآخر يمكن الترجيح
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٢٣.