(مسألة ٢٣) العدالة عبارة عن ملكة إتيان الواجبات وترك المحرمات [١].
______________________________________________________
العدالة وحقيقتها
[١] قد وقعت العدالة قيدا لموضوع الحكم في جملة من الموارد ، كالعدالة في المفتي حيث إنّها قيد لاعتبار فتواه ، وعدالة القاضي فإنّها قيد لنفوذ قضائه ، وعدالة الشاهد في قبول شهادته والاستماع إلى الطلاق ، وعدالة إمام الجماعة والجمعة في صحّة الاقتداء وإجزاء صلاة الجمعة وغير ذلك ؛ ولذا يقع البحث في المراد منها والمعروف بينهم أنّها ملكة الاجتناب عن الكبائر وترك الإصرار على الصغائر كما ذكر ذلك الماتن قدسسره أيضا في عدالة إمام الجماعة ، ولكن أطلق فيما نحن فيه بذكر أنّها ملكة الإتيان بالواجبات وترك المحرّمات. ومقتضاه عدم الفرق بين واجب وواجب آخر وعدم الفرق بين حرام وحرام آخر في أنّ ملكة الإتيان بالأوّل وترك الثاني هي العدالة.
وعبّر في كلمات البعض عن الملكة بأنّها حالة راسخة للنفس أو في النفس تدعو إلى الاجتناب عن المحرّمات والإتيان بالواجبات ، فيكون اتّصاف الشخص بالعدالة من قبيل وصفه بصفات نفسانية ، ويظهر من بعض الكلمات أنّ اتّصاف الشخص بالعدالة من قبيل وصفه بصفات الفعل ، فالعدل هو كون الشخص مستمرّا في أفعاله وأعماله على الوظيفة الشرعيّة بأن يستمرّ على الإتيان بالواجبات وترك المحرّمات ، وكونه كذلك في أعماله فعلا أو تركا ناشئا عن حالته النفسانيّة المستقرّة ، فالعدالة هي المسبّب عن الملكة لا أنّها بنفسها هي الملكة.
وقد يقال : إنّ العدالة ثبوت حسن الظاهر للشخص بحيث لو سئل عن معاشريه والمطّلعين على أحواله قالوا علمنا منه الاستمرار على الوظائف الشرعيّة ولم نر منه سوءا ، كما أنّه قيل أيضا بأنّها ظهور إيمان الشخص وأنّه مؤمن مع عدم ظهور الفسق