والاختصاص وسيلة من وسائل المعنى ، حظيت بعناية العلماء على تنوُّع مشاربهم اللغوية والأدبية ، فاستقروا شواهدها من كلام العرب ، واستنبطوا بموجب تلك الشواهد وسائل الاختصاص وأضربها وأحكامها التفصيلية. ومفاد الاختصاص إنّما هو عناية المتكلّم بمعنى يُرتِّب عليه أجزاء الكلام على نمط معيَّن وأدوات لغوية معلومة ، ليُنبِّه أذهان المتلقّين على أنّ هذا المعنى له حظوة عنده.
ومن المفترض أنّ كلام آل البيت عليهمالسلام هو موضعٌ للعناية والاختصاص بأجزائه كلّها وبمعانيه أجمعها ، ذلك أنّهم يستقون معاني كلامهم من معدن الفيض الإلهي ، ويُعربون عن تلك المعاني القدسية بأبهى حلّة لغوية ، وبأعلى درجة من درجات البيان ، فهم الذين أحصى الله سبحانه كلَّ شيء فيهم ، وهم عِدْلُ القرآن الكريم وتراجمة وحيه.
على أنّ الباحث ارتأى أن يجاري اللغة في أحكامها ـ استناداً إلى أنّهم عليهمالسلام كلّموا الناس على وفق سنن لغتهم ، وأمروهم أن يُعربوا كلامهم ، لأنّهم قومٌ فصحاء ـ فاختار دراسة وسائل الاختصاص في كلام الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام.
ولمّا كان الإحصاء قد أحاط بجملة صالحة من هذه الوسائل تناسب مقام البحث وما يتّسع له من صفحات ، اختار الباحث أن يقسّم المادّة المدروسة تمهيداً مختصراً لمعنى الاختصاص في اللغة والاختصاص ، ثمّ خمسة مطالب رُتّبت على النحو الآتي :