متنوّعة ، اعتنى البحث بدراسة جملة منها وتحليلها ضمن مطالب سترد في الصفحات اللاحقة على النحو الآتي :
المطلب الأوّل : التخصيص بالتَّقديمِ والتَّأخيرِ :
إنّ الكلامَ يصدُر عن المتكلّم وهو يحمل فكرةً ما يراد توصيلها للمخاطب ، ويكون ذلك الكلام تحتَ تأثير مناسبات القول ومقتضيات الأحوال والعلاقة بين المتكلّم والمتلقّي ، فلا يتمّ التفاهم ، ولا يقع ذلك الكلام في نفس المتلقّي موقعَ القَبُول والاكتفاء حتّى تُراعَى تلك المناسبات(١) ، فلمناسبة أو لغرض ، تتقدّم أجزاء الكلام بحسب ما تقتضيه المناسبة ، لكن ذلك التقديم ليس مطلقاً ؛ لأنَّ في الكلام ما يجوز التقديم والتأخير ، وفيه ما لا يجوز ذلك ، أي إنَّ هناك ما يُسمَّى بالرُّتَبِ المحفوظة التي لا يجوز تقديم شيء عليها ، وهناك الرُّتَب غير المحفوظة ، التي يمكن تقديم شيء عليها(٢) ؛ لذا فإنَّ أجزاءَ الكلام ولبناته الأساسية مرتّبة ترتيباً متناسقاً ، وقد تطرأ عليها أحياناً تغيّرات تحوّلها عن نَسَقِهَا القديم ، فيشهد الكلام بذلك ولادة لصورة الكلام الأصليَّة ، وهذا الأمر ليس بالجديد في كلام العرب ، بل كان ذلك من سُنَنِ لغتهم ، فهم كانوا يعمدون إلى ذلك الأمر في مخاطباتهم ، فتقديم
__________________
(١) ينظر : في النحو العربي نقد وتوجيه : ٢٢٥.
(٢) ينظر : الأصول في النحو٢ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، والخصائص ٢ / ٣٨٧ ، والأشباه والنظائر في النحو ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، واللغة العربية معناها ومبناها : ٢٠٧.