قول الإمام المجتبى أيضاً : «وقد خَلَتْ لهم من الله سُنّةٌ ، ومضى فيهم من الله حُكْم»(١) ، إذ تقدّم الجارّان والمجروران (لهم ، وفيهم) ، على فاعلي الجملة المتأخّرين (سنةٌ ، وحكم) ، لغرض الاختصاص ، وآية ذلك أيضاً استعمال لام الاختصاص المضافة إلى ضمير جماعتهم عليهمالسلام ، واستعمال (في) للظرفية المستحكمة في ذواتهم ، المُبيَّن اقتضاؤها من الله عزّ وجلّ بـ : (من) البيانية ، المصرَّح بأنّها قد مضت لهم بحكمه تعالى.
ومن أمثلة تقديم الجارِّ والمجرور ما في قول الإمام المجتبى : «التَّقْوى بابُ كُلِّ تَوْبَة ، وَرَأْسُ كُلِّ حِكْمَة ، وَشَرَفُ كُلِّ عَمَل ، بِالتَّقْوى فازَ مَنْ فازَ مِنَ الْمُتَّقينَ»(٢) ، فبعد أن بيّن الإمام أهمّية التقوى وعظم خطرها وجلالة قدرها ، خصّ فوز المتّقين بامتلاكهم لناصيتها واتّخاذها وسيلة الفوز الرئيسة.
ومن إرشاداته عليهالسلام : «هلاكُ الناس في ثلاث : الكِبْرُ ، والحِرصُ ، والحَسَدُ ، فالكبرُ به هلاكُ الدين وبه لُعِن إبليس ، والحرصُ عدوّ النفس وبه أُخرج آدم من الجنّة ، والحسدُ رائدُ السوء وبه قتلَ قابيلُ هابيل»(٣). ففي الكلام اختصّ هلاك الدين بالكبر ، وكذلك الحال في سبب لعنة إبليس وطرده من مقام القرب ، وبيان إنّ خروج آدم إنّما كان سببه الحرص ، وأنّ جريمة
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٥ / ١٠٥.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٨٨.
(٣) بحار الأنوار ٧٥ / ١١١.