قتل الأخ أخاه مردّها إلى الحسد.
ومن التقديم والتأخير لشبه الجملة بنوعيها في نصّ واحد ، ما ورد في قوله عليهالسلام لرجل : «اِيّاكَ أَنْ تَمْدَحَنِي فَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْكَ ، أَوْتُكَذِّبَنِي فَإِنَّهُ لا رَأْيَ لِمَكْذُوب ، أَوْتَغْتابَ عِنْدِي أَحَداً»(١) ، ففي النصّ تقديم للجار والمجرور (بنفسي) على معمول اسم التفضيل (وهو منك) ، وتقديم الظرف (عندي) مفعول الفعل المتعدّي (وهو أحداً) ، وإنّما كان غرض تغيير النمط الأصلي لتركيب الكلام منوطاً بغاية الاختصاص ، كاشفاً عن أهمّية التقديم والتأخير عند المتكلّم ، فمَنْ أقرب معرفة لنفس الإمام منه ، فكانت مخالفة الترتيب ، وإنْ كان الحكم النحوي يقتضيه في الأصل ، لأنّ المعنى حاكم على التركيب يسوقه إلى ما تقتضيه حكمة الكلام ولطائف التعبير. ونلحظ أيضاً في التركيب الآخر (تغتاب عندي أحد) شدّة كراهة الإمام للاغتياب ، فكان الفصل بين الفعل ومعموله أمارة على تلك الكراهية.
ومن التخصيص بالتقديم والتأخير في غير شبه الجملة ما ورد في أجزاء جملة الشرط في قول الإمام عليهالسلام : «ونحن واللهِ ثمرةُ تلك الشجرة ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجى ، ومن تخلّف عنها ، فإلى النار هوى»(٢) ، فقد تقدّم الجارُّ والمجرور (إلى النار) على متعلّقه الفعل الماضي الواقع جواباً للشرط (هوى) ، إمعاناً في التخصيص ، إذ من المعلوم أنّ جواب الشرط هو نتيجة
__________________
(١) المصدر نفسه ٧٥ / ١٠٩.
(٢) بحار الأنوار ٤٣ / ٣٥٨.