عقلية ، ومعرفة بالمقاصد الكلّية في القرآن ، والأنساق العامّة للنصّ القرآني ـ وهي موضوعنا في حديث قادم ـ.
أمّا عملنا الآن فسيكون بتتبّع أطروحاته حسب أسبقيّتها في النصّ القرآني ، وسنركّز على الموضوعات التالية :
أوّلاً : التعليل : أي محاولة إيجاد العلّة في اختيار الألفاظ ، وطرق التعبير بها ، وكيفية توزيعها في نظام الجملة ، وأسباب ذلك الاختيار والتوزيع.
المثال الأوّل : حديثه عن السمع والبصر إذ قال «اعلم أنّه اختلف في أفضلية نعمة البصر والسمع فقال قائل : بأفضلية السمع لوجوه.
منها : أنّ الله قدّم في الذكر في أغلب القرآن السمع على البصر ، والتقديم في الذكر دليل على الشرف.
ومنها : أنّ العمى وقع في حقّ الأنبياء وأمّا الصمم فغير جائز لأنّه مُخلٌّ بأداء الرسالة.
ومنها : أنّ السمع يدرك من جميع الجوانب دون البصر.
ومنها : أنّ الإنسان يستفيد من المعارف من المعلّم وذلك لا يمكن إلاّ بالسمع.
ومنها : أنّ امتياز الإنسان عن سائر الحيوانات بالنطق والكلام ، وإنّما ينتفع به السامعة لا الباصرة ، ومتعلّق النطق الذي به شرف الإنسان ومتعلّق البصر الألوان والأشكال ، وذلك أمرٌ مشترك بين الإنسان وسائر الحيوان.