وهذا الهبوط من السماء إلى الأرض ، وقيل : التكرير للتأكيد ، والخطاب لآدم وحوّاء وذريّتها باعتبار ما يكون ، وقيل : الخطاب لآدم وحوّاء وإبليس والحيّة والطاووس ، والمُراد اهبطوا أنتم أجمعون ، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد ، وكرّر الأمر بالهبوط إيذاناً بتحقّقه لا محالة ، ودفعاً لما وقع في أُمنيته عليهالسلام من استتباع قبول التوبة للعفو عن الهبوط ، ولأنّ الأمر الثاني بالهبوط مُشعر بالتكليف والابتلاء بالعبادة والثواب والعقاب ، ولذلك اقترن الهبوط الثاني بإيتاء الهدى المؤدّي إلى النجاة وما فيه من وعيد العقاب ، فليس بمقصود من التكليف قصداً أوّليّاً بل إنمّا هو دائر على سوء اختيار المكلَّفين»(١).
والمثال الرابع : هو تعليله لقوله تعالى : (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ)(٢) إذ قال السيّد علي الحائري «وعيسى بالسريانية : اليسوع ومعناه المبارك ، وابن بإثبات الألف في الكتابة وإن كان واقعاً بين العلمين لندرة الإضافة إلى الأم. ومريم بالسريانية : بمعنى العابدة والخادمة للمعبد ، وقد جعلتها أُمّها محرَّرة لخدمة المسجد ، ولكمال عبادتها لربّها سمّاها مريم ، وصرّح باسمها في القرآن مع الأنبياء سبع مرّات ، وخاطبها كما خاطب الأنبياء كقوله : (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)(٣) فشاركها
__________________
(١) مقتنيات الدُرر ١/٢١٢.
(٢) سورة البقرة : ٧٨.
(٣) سورة آل عمران : ٤٣.